خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ
٤٠
وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٤١
وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤٢
وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ
٤٣
إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٤
-يونس

حاشية الصاوي

قوله: { وَمِنهُمْ } أي من أهل مكة المكذبين. قوله: { مَّن يُؤْمِنُ بِهِ } أي في المستقبل، والمعنى أن أهل مكة المكذبين للقرآن، اقتسموا قسمين: قسم آمن بعد، وقسم لم يؤمن. قوله: { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل } أي داموا على تكذيبك. قوله: (أي لكل جزاء عمله) أي جزاء ما عمله من خير أو شر. قوله: (وهذا منسوخ بآية السيف) أي فبعد نزولها لم يقل ذلك، وفيه أن شرط الناسخ أن يكون رافعاً لحكم المنسوخ، ومدلول الآية ثابت لم ترفعه آية السيف، إذ مدلول هذه الآية اختصاص كل بعمله وبراءة كل من عمل الآخر، وهذا حاصل مطلقاً، فالوجه أنه لا نسخ في هذه الآية.
قوله: { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } أي من كفار مكة المكذبين للقرآن، فريق يصغون إلى قراءتك بآذانهم ولم بقلوبهم، فلا تطمع في إيمانهم، لوجود الختم على قلوبهم، فلا يفقهوا الحق ولا يتبعوه، وفي هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم، كأن الله يقول له لا تحزن على عدم إيمانهم، فإنك لا تقدر أن تسمع الصم، ولو كانوا لا يعقلون.
قوله: { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، المعنى أنت لا تقدر أن تسمع من سلبه الله السمع. قوله: (شبههم) أي الكفار، وقوله: (بهم) أي بالصم، وقوله: (في عدم الانتفاع) هذا هو وجه الشبه، أي فكما أن معدم السمع لا ينتفع بالأصوات، فكذلك الكفار لا ينتفعون بسماع القرآن، لوجود الحجاب على قلوبهم. قوله: { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } أي لو كان مع الصمم عدم العقل، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، وجملة الشرط معطوفة على محذوف تقديره أأنت تسمع الصم إن عقلوا، بل ولو كانوا لا يعقلون، فأنت لا تسمعهم، فيكون المعنى أنت لا تسمع الصم عقلوا أو لم يعقلوا، فهم مالأنعام بل هم أضل.
قوله: { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } أي يبصرك بعينه. قوله: { أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ } يقال فيه ما قيل فيما قبله. قوله: { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ } أي لا يتأملون ولا يتفكرون بقلوبهم، فيما جئت به من الدلائل العظيمة والشمائل الفخيمة، والمعنى أنت لا تهدي عمي القلوب، أبصروا أو لم يبصروا. قوله: (بل أعظم) قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } هذه الآية سيقت لدفع توهم أن الله حيث سلبهم العقل والسمع والبصر، فتعذيبهم على عدم الهدى ظلم، فدفع ذلك بأن الظلم هو التصرف في ملك الغير، ولا ملك لأحد معه سبحانه وتعالى، فتقديره الشقاوة على أهلها ليس بظلم منه، لأنه هو المالك الحقيقي، وهو يتصرف في ملكه كيف يشاء. قوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } إنما قال ذلك، لأن الفعل منسوب إليهم بسبب الكسب الاختياري، فالله سبحانه وتعالى يعذب الشقي على ما لقترفه بالنظر للكسب الاختياري. فإن قيل: هو الخالق لذلك الكسب، يقال: لا يسأل عما يفعل.