خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٢٣
إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
١٢٤
-النحل

حاشية الصاوي

قوله: { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } هذا هو الوصف العاشر، ولما كان أعلى الأوصاف لإبراهيم وأجلها وأكملها، اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملته، فصله عما قبله، حيث عطفه بثم. قوله: { أَنِ ٱتَّبِعْ } يصح أن تكون { أَنِ } تفسيرية أو مصدرية، فتكون مع ما دخلت عليه في محل نصب مفعول لقوله: { أَوْحَيْنَآ }. قوله: { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } أي شريعته، ومعنى اتباع النبي فيها اتباعه في الأصول، وهي عقائد التوحيد، فرسول الله أمر باتباع إبراهيم، بل وباتباع من تقدمه من الأنبياء في التوحيد، لأنهم مشتركون فيه، قال تعالى: { { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً } [الشورى: 13] الآية. قوله: { حَنِيفاً } حال من { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } وهو وإن كان مضافاً إليه، إلا أن شرطه موجود، وهو أن المضاف كالجزء من المضاف إليه، لأنه يصح الاستغناء بالثاني عن الأول. قوله: (رداً على زعم اليهود والنصارى) المناسب لأن يقول رداً على المشركين، لأن اليهود والنصارى لم يكونوا مدعين الإشراك.
قوله: { إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ } الخ، هذا رد على اليهود، حيث كانوا يدعون أن تعظيم السبت من شريعة إبراهيم، وهم متبعون له، فرد الله عليهم بأنه ليس السبت من شريعة إبراهيم التي زعمتم أنكم متبعون لها، بل كان من شريعته تعظيم يوم الجمعة، ولذا اختاره الله للأمة المحمدية، لأنه يوم تمام النعمة، ويوم المزيد في الجنة.
قوله: { عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } أي خالفوا ربهم، حيث أمرهم على لسان نبيهم، أن يعظموا يوم الجمعة بالتفرغ للعبادة فيه، فأبوا واختاروا السبت، فشدد عليهم بتحريم الاصطياد فيه عليهم، وليس المراد بالاختلاف أن بعضهم رضي به والبعض لم يرض، بل المراد امتناع الجميع. قوله: (واختاروا السبت) أي وقالوا لأنه تعالى فرغ فيه من خلق السماوات والأرض وما فيهما، فنحن نوافق ربنا في ترك الأعمال يوم السبت، واختارت النصارى يوم الأحد، وقالوا لأنه مبدأ الخلق، فنجعله عيداً لنا. قوله: (من أمره) أي السبت. قوله: (بأن يثيب الطائع) أي وهو من لم يصطد به ويعظمه. قوله: (ويعذب العاصي) أي وهو من صنع الحيلة، واصطاد فيه، فعذبوا في الدنيا بمسخهم قردة وخنازير، وفي الآخرة بالعذاب الدائم.