خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ
٣٥
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٣٦
إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٣٧
-النحل

حاشية الصاوي

قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } الخ، هذا كلام صحيح في حد ذاته، لكنهم توصلوا به إلى أمر باطل، وحاصل ذلك أنهم قالوا: لو شاء الله عدم عبادتنا لغيره لحصل، لكن وقعت منا العبادة لغيره، فهي بمشيئته، فهو راض بها، واعتقدوا أن الإرادة لازمة للرضا في حقه تعالى، وهو اعتقاد باطل، وحاصل الرد عليهم أن يقال: إن الإرادة لا تستلزم الرضا، بل قد يريد شيئاً ولا يرضى به، لتنزهه عن الأغراض في الأحكام والأفعال، فلا تقاس أفعال الله على أفعال العباد، وذلك لأن ما يغضب الله، لا يصل له منه ضرر، وما يرضيه لا يصل له منه نفع، بل معنى ذلك، أنه يعاقب على ما يغضبه، ويثيب على ما يرضيه، بخلاف العباد، فرضاهم لازم لإرادتهم، لأن ما يرضيهم يحصل لهم به النفع، فهو واقع منهم بإرادتهم، وما يغضبهم يحصل لهم به الضرر، فهو غير واقع بإرادتهم، والكفار قد سووا بين الخالق والمخلوق، فقالوا ما قالوا، والمقصود من هذه الشبهة، إبطال إرسال الرسل وجعله عبثاً، تعالى الله عن ذلك. قوله: { مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } من الأولى ابتدائية، والثانية زائدة. قوله: (فهو راض به) هذا هو محط شبهتهم التي رتبوا ما ذكر عليها. قوله: (الإبلاغ البين) أشار بذلك إلى أن البلاغ مصدر بمعنى الإبلاغ.
قوله: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } أي فلا خصوصية لك. قوله: (أي بأن) { ٱعْبُدُواْ } أشار بذلك إلى أن مصدرية، ويصح جعلها تفسيرية، والضابط موجود لتضمن البعث معنى القول. قوله: { وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } أي تباعدوا عن عبادة الطاغوت، والمراد بالطاغوت، قيل كل ما يعبد من دون الله، وقيل الشيطان. قوله: (فلم يؤمن) أفرد باعتبار لفظ من، وفي نسخة فلم يؤمنوا بالجمع مراعاة للمعنى.
قوله: { فَسِيرُواْ } أمر لأهل مكة بالسير، والنظر في أحوال من تقدمهم. قوله: { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } أي مآلهم وآخر أمرهم على أي كيفية. قوله: (رسلهم) قدره إشارة إلى أن قوله: { ٱلْمُكَذِّبِينَ } مفعوله محذوف. قوله: (وقد أضلهم الله) الجملة حالية. قوله: (لا تقدر على ذلك) هذا هو جواب الشرك، وقوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ } الخ، تعليل للجواب. قوله: { لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } الجملة خبر إن، والرابط ضمير مقدر في يضل، تقديره من يضله، والظاهر أن هذا الرابط هو فاعل يضل العائد على الله، وأما الضمير المفعول الذي هو الهاء، فإنه عائد على من ولا ربط فيه. قوله: (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان، والمعنى أن من أراد الله إضلاله، فلا تمكن هدايته، فلا تتعب نفسك في هداه. إن قلت: إن التكليف لمن أراد الله عدم هداه بالهدى تكليف بالمستحيل. أجيب: بأنه لا يسأل عما يفعل. قوله: { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } أي من يريد إضلاله، لا مانع له من عذاب الله إذا نزل به.