خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً
٥٩
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً
٦٠
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً
٦١
-الكهف

حاشية الصاوي

قوله: { أَهْلَكْنَاهُمْ } أي في الدنيا كما قال تعالى: { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } [العكنبوت: 40] الخ. قوله: { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم } أي لهلاكهم المذكور وقتاً معيناً نزل بهم فيه، فكذلك قومك لهم وقت ينزل بهم فيه، وهو معنى قوله: { مَّوْعِداً }. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، وتحتها قراءتان فتح اللام وكسرها، فمجموع القراءات السبعية ثلاثة: ضم الميم مع فتح اللام، وفتح الميم مع فتح اللام أو كسرها. قوله: { وَ } (اذكر) قدره إشارة إلى أن إذ ظرف لمحذوف، والمعنى اذكر يا محمد لقومك وقت قول موسى لفتاه الخ، والمراد اذكر لهم قصته وما وقع له مع الخضر عليهما السلام. قوله: (هو ابن عمران) أي رسول بني إسرائيل، من سبط لاوي بن يعقوب، وهذا هو الصحيح الذي أجمعت عليه الآثار الصحيحة، ولا يقدح فيه كونه يتعلم من الخضر، لأن الكامل يقبل الكمال، سواء قلنا إن الخضر نبي أو ولي، فاستفادته منه لا تقدح في كونه أفضل منه، لأن تلك مزية، وهي لا تقتضي الأفضلية، يدل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه أعلم الناس، أمره الله بالاستزادة من العلم بقوله: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [طه: 114] خلافاً لمن زعم أن موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب، وادعى أنه نبي قبل موسى بن عمران، محتجاً بأن الله بعد أن أنزل على موسى بن عمران التوراة، وكلمة بلا واسطة، وأعطاه المعجزات العظيمة الباهرة، يبعد أن يستفيد من مطلق نبي أو ولي، وهذا القول خلاف الصحيح. قوله: (يوشع بن نون) هو ابن أفراثيم بن يوسف، أرسله الله بعد موسى، فقاتل الجبارين وردّت له الشمس، وتقدمت قصته في المائدة. قوله: (كان يتبعه) هذا بيان وجه إضافته إلى موسى، وكان ابن أخته، وقيل كان عبداً له وهو بعيد، لأن شرط النبي الحرية.
قوله: { لاۤ أَبْرَحُ } هي من أخوات كان، اسمها مستتر وجوباً، وخبرها محذوف قدره المفسر بقوله: (أسير) أي لا أبرح سائراً. قوله: (ملتقى بحر الروم) الخ، أي وملتقاهما عند البحر المحيط. قوله: (مما يلي المشرق) أي وذلك بإفريقية. قوله: (دهراً طويلاً) وقيل الحقب ثمانون سنة، وقيل سنة واحدة بلغة قريش، وقيل سبعون، ويجمع على أحقاب، كعنق وأعناق. قوله: (إن بعد) أي إن لم أدركه، والمعنى لا بد من سيري إلى أن أبلغ مجمع البحرين، أو أسير زمناً طويلاً حتى أيأس من الوصول. قوله: (بين البحرين) أشار بذلك إلى أن (بين) ظرف وهو الموضع الذي وعد موسى أن يجتمع بالخضر.
قوله: { نَسِيَا حُوتَهُمَا } قيل كان مشوياً، وقيل كان مملحاً، وقد أكلا منه زمناً طويلاً، قبل أن يدركا الصخرة. قوله: (نسي يوشع حمله) هذا يقتضي أنه كان موجوداً على البر حين نسيه يوشع، ولكن الموجود في القصة، أن موسى ويوشع لما وصلا الصخرة التي عندها عين الحياة ناما، ثم استيقظ يوشع، فتوضأ من تلك العين، فانتضح الماء عليه فعاش ووثب في الماء، فهذا يقتضي أنه نسي إخبار موسى بما رأى، فالمناسب للمفسر أن يقول: نسي يوشع أن يخبر موسى بما شاهده من الأمر العجيب. إن قلت: إن شأن الأمر العجيب عدم نسيانه. أجيب بأنه أدهش من عظيم ما رأى من قدرة الله وعظمته، للحكمة التي ترتبت على ذلك.
قوله: { فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ } هذا الاتخاذ قبل النسيان، فيكون في الآية تقديم وتأخير، والأصل فأدركته الحياة فخرج من المكتل وسقط في البحر فاتخذ سبيله. قوله: { سَرَباً } مفعول ثان لاتخذ. قوله: (وذلك) أي سبب ذلك. قوله: (فانجاب) أي انقطع الماء وانكشف. قوله: (فبقي) أي صار. قوله: (كالكوة) هي بالفتح نقب البيت، والجمع كوى بكسر الكاف ممدوداً ومقصوراً. قوله: (لم يلتئم) أي يلتصق حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه. قوله: (ما تحته) أي فجعل الحوت لا يمس شيئاً في البحر إلا يبس. قوله: (ذلك المكان) أي مجمع البحرين.