خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً
٨١
كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً
٨٢
أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً
٨٣
فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً
٨٤
يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً
٨٥
وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً
٨٦
لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً
٨٧
وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً
٨٨
لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً
٨٩
-مريم

حاشية الصاوي

قوله: { وَٱتَّخَذُواْ } حكاية عما وقع للكفار عموماً. قوله: (الأوثان) هو مفعول أول و{ آلِهَةً } مفعول ثان.
قوله: { سَيَكْفُرُونَ } الخ في معنى التعليل. قوله: { ضِدّاً } أي أضداداً، وإنما أفرده، إما لكونه مصدراً في الأصل، أو لأنه مفرد في معنى الجمع. قوله: { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } أي وأما المؤمنون فليس للشياطين عليهم سبيل، قال تعالى:
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر: 42]. قوله: (تهيجهم إلى المعاصي) أي تغريهم بتزيين الشهوات لهم. قوله: { أَزّاً } مفعول مطلق لتؤزهم، والأز يطلق على الغليان، وعلى الحركة الشديدة، وعلى التهيج والإزعاج وهو المراد هنا.
قوله: { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } أي لتستريح أنت والمؤمنون من شرهم، وتطهر الأرض من فسادهم، لأن لهم أياماً محصورة وأنفاساً معدودة، يعيشونها ثم يردون إلى عذاب. قوله: { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } أي نضبط ما يقع منهم، ولا نهمل منه شيئاً ليؤاخذوا به. قوله: (أو الأنفاس) تفسير ثاني قوله:(إلى وقت عذابهم) أي وهو موتهم، لأن بموتهم تصير قبورهم حفرة من حفر النار، فيعذبون فيها إلى قيام الساعة، فيعذبون في النار.
قوله: { يَوْمَ نَحْشُرُ } ظرف معمول لمحذوف، قدره المفسر بقوله: (اذكر) أي اذكر يا محمد لقومك هذا اليوم العظيم، فإنه يوم الفصل بين أهل الجنة وأهل النار. قوله: (بمعنى راكب) هذا المعنى ليس مأخوذاً من معنى الوفد لأن الوفد في اللغة الجماعة الذين يقدمون على الملوك للعطايا، من غير تقييد بركوب؛ بل هو مأخوذ من قرينة مدح المتقي، لما ورد
"أنهم يحشرون ركباناً، على نجائب سرجها من ياقوت، وعلى نوق رحالها من ذهب، وأزِّمتها من زبرجد، واختلف في وقت ركوبهم، فقيل من أول خروجهم من القبور، وقيل من منصرفهم من الموقف، وعلى كل، فيستمرون راكبين حتى يقرعوا باب الجنة، وجمع بأنهم يركبون من أول خروجهم من القبور حتى يأتوا الموقف، ثم بعد انفضاض الموقف، يركبون حتى يدخلوا الجنة" ، وعن ابن عباس: من كان يحب ركوب الخيل، وفد إلى الله تعالى على خيل لا تروث ولا تبول، لجمها من الياقوت الأحمر، ومن الزبرجد الأخضر، ومن الدر الأبيض، وسرجها السندس والاستبرق، ومن كان يحب ركوب الإبل فعلى نجائب، لا تبعر ولا تبول، أزمتها من الياقوت والزبرجد، ومن كان يحب ركوب السفن، فعلى سفن من زبرجد وياقوت، قد أمنوا الغرق، وأمنوا الأهوال، وورد أيضاً: يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير. قوله: (بكفرهم) أشار بذلك إلى أن المراد بالمجرمين الكفار قوله: { وِرْداً } أي مشاة عطاشاً، قد تقطعت أعناقهم من العطش، ومع ذلك يحملون أوزارهم على ظهورهم، لما ورد: "أن المؤمن إذا خرج من قبره، استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريح، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك الصالح، طالما ركبتك واتبعتك في الدنيا، اركبني اليوم، وإن الكافر يستقبله عمله في أقبح صورة وأنتنها ريحاً، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، فيقول: أنا عملك السيء، طالما ركبتني واتعبتني في الدنيا، وأنا اليوم أركبك" ، قال تعالى: { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } [الأنعام: 31].
قوله: { لاَّ يَمْلِكُونَ } أي الخلق عموماً، مؤمنهم وكافرهم، وقوله: { ٱلشَّفَاعَةَ } أي كونه يشفع لغيره أو يشفع غيره فيه. قوله: { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ } مستثنى من العموم المتقدم وهو متصل. قوله: { عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } كرر لفظ الرحمن في هذه السور ست عشرة مرة، إشارة إلى أن رحمته غلبت غضبه. قوله: (أي شهادة أن لا إله إلا الله) أي مع عديلتها، وهي محمد رسول الله. قوله: (ولا حول ولا قوة إلا بالله) في رواية، والتبري من الحول والقوة لله وعدم رجاء غيره. قوله: (ومن زعم أن الملائكة بنات الله) أيه وهم مشركو العرب، وهذا رجوع لذكر قبائح الكفار، وإثر بيان عاقبتهم وعاقبة المؤمنين. قوله: (قال تعالى) أي تقريعاً وتوبيخاً. قوله: (منكراً عظيماً) أي فظيعاً شديداً.