خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
٥٩
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } حكمة الإتيان بذلك الزيادة في التقبيح عليهم. قوله: (منهم) قدرها هنا لأنه ذكرها في الأعراف، والقصة واحدة فما تركه هنا قدره هناك وبالعكس. قوله: { قَوْلاً } أي وفعلاً ففيه اكتفاء على حد سرابيل تقيكم الحر أي والبرد، أو المراد بالقول الأمر الإلهي وهو يشمل القول والفعل كأنه قال فبدل الذين ظلموا أمراً غير الذي أمروا به. قوله: (فقالوا حبة في شعرة إلخ) لف ونشر مشوش لأ هذا راجع إلى حطة، وقوله: (ودخلوا إلخ) راجع لقوله سجداً، وما فسر به المفسر هو الصحيح لأنه حديث البخاري، وقيل قالوا حنطة في شعرة أو شعيرة أو حنطة حمراء في شعرة سوداء أو حنطة بيضاء في شعرة سوداء، ومعنى حبة في شعرة جنس الحب وجنس الشعر أي نسألك حباً في زكائب من شعر. وقوله: (ودخلوا يزحفون) وقيل إنهم مستلقين على ظهورهم. قوله: (على أستاههم) جمع ستة وهو الدبر أي أدبارهم. قوله: { رِجْزاً } هو في الأصل فناء ينزل بالإبل أطلق وأريد منه مطلق الفناء. قوله: (بسبب فسقهم) أشار بذلك إلى أن الباء سببية وما مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر، ومشى المفسر على أن كان تتصرف فسبكه من الخبر، وقيل إن كان متصرفة يأتي منها المصدر لقول الشاعر:

ببذل وحلم ساد في قومه الفتى وكونك إياه عليك يسير

فعليه أن ما تسبك بها بمصدر أي بكونهم فاسقين وهو المعتمد. قوله: (فهلك منهم إلخ) أي فالطاعون عذاب لهم بخلاف الأمة المحمدية فإنه رحمة لهم من مات به أو في زمنه كان شهيداً، وقد ذكروا أن في الآية سؤالات، الأول: قوله هنا وإذ قلنا، وفي الأعراف وإذ قيل، وأجيب بأنه صرح هنا بالفاعل لإزالته الإبهام وحذفه في الأعراف للعلم به مما هنا. الثاني: قال هنا ادخلوا وهناك اسكنوا، وأجيب بأن الدخول مقدم على السكنى فذكر الدخول في السورة المتقدمة، والسكنى في المتأخرة على حسب الترتيب الطبيعي. الثالث: قال خطاياكم باتفاق السبعة وهناك خطيئاتكم في بعضها وتقدم جوابه. الرابع: ذكر هنا رغداً وحذفه من هناك، والجواب أن القصة ذكرت هنا مبسوطة وهناك مختصرة. الخامس: قدم هنا دخول الباب على قولوا حطة وعكس هناك، وأجيب بأن ما هنا هو الأصل في الترتيب وعكس فيما يأتي اعتناء بحط الذنوب. السادس: إثبات الواو في وسنزيد هنا وحذفها هناك، وأجيب بأنه لما تقدم أمران كان المجيء بالواو مؤذناً بأن مجموع الغفران والزيادة جزء واحد لمجموع الأمرين، وحيث تركت الواو أفاد توزيع كل واحد على كل واحد من الأمرين، فالغفران في مقابلة القول، والزيادة في مقابلة ادخلوا. السابع: لم يذكر هنا منهم وذكرها هناك، واجيب بأن أول القصة في الأعراف مبني على التخصيص بلفظ من حيث قال ومن قوم موسى أمة فذكر لفظ منهم آخراً ليطابق الآخر الأول. الثامن: ذكر هنا انزلنا وهناك أرسلنا وأجيب بأن الإنزال يفيد حدوثه في أول الأمر، والإرسال يفيد تسلطه عليهم واستئصالهم بالكلية، وهذا إنما يحدث في آخر الأمر. والتاسع: هنا يفسقون وهناك يظلمون، وأجيب بأنه لما بين هنا كون ذلك الظلم فسقاً، اكتفى بذكر الظلم هناك لآجل ما تقدم من البيان هنا. العاشر: قوله تعالى: { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً } فيه إخبار بالمجازاة عن المخالفة في القول دون الفعل، وجوابه ما تقدم فلتحفظ.