خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ
٦٠
-البقرة

حاشية الصاوي

قوله: { وَ } (اذكر) أي يا محمد، والمناسب لما تقدم وما يأتي أن يقدر اذكروا ويكون خطاباً لبني إسرائيل بتعداد النعم عليهم، والأول وإن كان صحيحاً إلا أنه خلاف النسق. قوله: (أي طلب السقيا) أشار بذلك إلى أن السين و التاء للطلب، والفعل إما رباعي أو ثلاثي، يقال سقى وأسقى قال تعالى: { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21] { وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } [المرسلات: 27] والمصدر سقياً والإسم السقيا. قوله: (وقد عطشوا في التيه) أشار بذلك إلى أن المراد بقومه من كان معه في التيه لا جميعهم، وتقدم أنهم ستمائة ألف غير دوابهم، وقدر مسافة الأرض التي تكفيهم اثنا عشر ميلاً، وعطش من باب ضرب وعلم. قوله: { فَقُلْنَا } القائل الله على لسان جبريل أو غيره. قوله: { بِّعَصَاكَ } كانت من آس الجنة طولها عشرة أذر ع وطول موسى كذلك، وكان لها شعبتان تضيئان له في الظلام وتظلانه في الحر، وكانت تسوق له الغنم وتطرد عنها الذئاب. قوله: (وهو الذي فر بثوبته) أي حين رموه بالإدرة وهي انتفاخ الخصية، وكان بنو اسرائيل لا يبالون بكشف العورة، فأراد موسى الغسل فوضع ثوبه على ذلك الحجر ففر بذلك الثوب فخرج موسى من الماء وقال ثوبي حجر ثوبي حجر، فنظر بنو إسرائيل لعورته فلم يروه كما ظنوا. قال تعالى: { فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } [الأحزاب: 69] وهذا الحجر قيل أخذه هو والعصا من شعيب، وقيل إن الحجر أخذه من وقت فراره بثوبه وكان طوله ذراعاً وعرضه كذلك وله جهات أربع في جهة ثلاثة أعين، فكان يضربه بالعصا عند طلب السقيا فتخرج منه اثنتا عشرة عيناً بعدد فرق بني إسرائيل، وتلك العصا كانت من الجنة خرجت مع آدم مع عدة اشياء نظمها سيدي على الأجهوري بقوله:

وآدم معه أنزل العود والعصا لموسى من الآس النبات المكرم
وأوراق تين واليمين بمكة وختم سليمان النبي المعظم

قوله: (أو كذان) فتح الكاف وتشديد الذال المعجمة الحجر اللين. قوله: (فضربه) أشار بذلك إلى أن الفاء في قوله فانفجرت عاطفة على محذوف.
قوله: { فَٱنفَجَرَتْ } عبر هنا بالإنفجار، وفي الأعراف بالإنبجاس إشارة إلى أن ما هنا بيان للغاية، وما في الأعراف بيان للمبدأ فإن مبدأ خروج الماء الرشح الذي هو الإنبجاس، ثم قوي سمي انفجاراً وقيل معناهما واحد. قوله: { ٱثْنَتَا } فاعل انفجرت مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى وعشرة بمنزلة النون في المثنى. قوله: { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } أي فكانت كل عين تأتي لقبيلة واعظم من هذه المعجزة نبع الماء من اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: { مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ } تنازعه كل من كلوا واشربوا، فأعمل الأخير، وأضمر في الأول، وحذف، والمراد بالرزق المرزوق، وهو بالنسبة للأكل المن والسلوى. قوله: (مؤكدة لعاملها) وحكمة ذلك عظم بلادتهم، فنزلوا منزلة الساهي والغافل. قوله: (من عثى) أي والمصدر عثياً بضم العين وكسرها.