خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ
١٥
وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ
١٦
لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
١٧
بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
١٨
وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ
١٩
يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ
٢٠
أَمِ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
٢١
-الأنبياء

حاشية الصاوي

قوله: { فَمَا زَالَت } ما نافية، وزال فعل ماضٍ ناقص، و{ تِلْكَ } اسمها و{ دَعْوَاهُمْ } خبرها. قوله: (الكلمات) المراد بها قولهم { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [الأنبياء: 14]. قوله: { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ } أي رجالهم، وأما النساء فقد سباهم بختنصر كما تقدم، وكلام المفسر يفيد أن هذه الآية حكاية عن أهل حضور. قوله: (كخمود النار) أي سكون لهبها مع بقاء جمرها، وأما الهمود، فهو عبارة عن ذهاب النار بالكلية حتى تصير رماداً. قوله: { لَـٰعِبِينَ } حال من فاعل { خَلَقْنَا } وهو محط النفي. قوله: (بل دالين على قدرتنا) ويسبحوننا بدليل قوله تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [الإسراء: 44]. قوله: (ونافعين لعبادنا) أي وتفصيل جهات النفع بها، لا يعلمها إلا الله تعالى.
قوله: { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } رد على من أثبت الولد والزوجة لله. قوله: { لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ } جواب { لَوْ } واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدم. والمعنى لو تعلقت إرادتنا باتخاذ الزوجة والولد، لاتخذناه من عندنا، لكنا لم نتخذه، فلم تتعلق به إرادتنا لاستحالة ذلك علينا. قوله: { إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } يحتمل أن تكون { إِن } نافية أي ما كنا فاعلين. قوله: { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ } أي شأننا أن نؤيد الحق ونذهب الباطل. قوله: { مِمَّا تَصِفُونَ } (الله به) أشار بذلك إلى أن ما موصولة والعائد محذوف، ويصح أن تكون مصدرية. والمعنى ولكم الويل من أجل وصفكم إياه بما لا يليق. قوله: (أي الملائكة) عبر عنهم بالعندية، إشارة إلى أنهم في مكانة وشرف ورفعة.
قوله: { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي يتكبرون. قوله: { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } أي لا يكلون ولا يتعبون. قوله: { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } المقصود من هذا الإخبار، تحريض المؤمنين على الطاعات وتبكيت الكفار على تركها، لأن العبادة والتسبيح، وصف أهل القرب والشرف، وتركها وصف أهل البعد والخسة. قوله: (فهو منهم كالنفس منا) أي فهو سجية وطبيعة لهم، ولا يشغلهم التسبيح عن غيره، كلعن الكفرة، ونزول الأرض، وتبليغ الأحكام، وغير ذلك، كما أن اشتغالنا بالنفس لا يمنعنا الكلام. إن قلت: إن هذا قياس مع الفارق، لأن آلة النفس غير آلة الكلام، وأما التسبيح واللعن، فهما من جنس الكلام، فاجتماعهما محال. أجيب: بأن الملائكة لهم ألسنة كثيرة، بعضها يسبحون الله به، وبعضها يلعنون أعداء الله به، فلا يقاسون على بني آدم. قوله: (وهمزة الإنكار) أي وهو راجع لقوله: { هُمْ يُنشِرُونَ }. قوله: { هُمْ يُنشِرُونَ } أي حيث ادعوا أنها آلهة لزمهم ما ذكر ضمناً والتزاماً، وإلا فهم لم يدعوا أنها تحيي الموتى.