خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
٥٢
قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
٥٣
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٥٤
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ
٥٥
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٥٦
وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
٥٨
-الأنبياء

حاشية الصاوي

قوله: { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } ظرف لقوله: { آتَيْنَا } أو لمحذوف أي اذكر. قوله: { لأَبِيهِ } أي آزر. قوله: { ٱلتَّمَاثِيلُ } جمع تمثال، وهو الصورة المصنوعة من رخام أو نحاس أو خشب، وكانت تلك الأصنام اثنين وسبعين صنماً، بعضها من ذهب، وبعضها من فضة، وبعضها من حديد، وبعضها من رصاص، وبعضها من نحاس، وبعضها من حجر، وبعضها من خشب، وكان كبيرها من ذهب مكللاً بالجواهر، وفي عينيه ياقوتتان متقدتان تضيئات بالليل. قوله: { عَاكِفُونَ } عبر بالعكوف الذي هو عبارة عن الاستمرار على الشيء لغرض ما، ولم يعبر بالعبادة تحقيراً لهم. قوله: { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا } الخ، أجابو بذلك، وإن كان غير موافق لسؤاله بما لأنه مآل سؤاله، إذ هو يعرف حقيقتها من كونها من ذهب أو غيره، كأنه قال: ما هي؟ لأي شيء عبدتموها، وحينئذ فلم يكن لهم جواب إلا التقليد. قوله: { فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي لعدم استنادكم إلى دليل.
قوله: { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ } الخ، أي لما استبعدوا تضليل آبائهم، ظنوا أن ما قاله على وجه اللعب فقالوا: أصدق ما تقوله؟ أم أنت هازل فيه؟. قوله: { قَالَ بَل رَّبُّكُمْ } الخ، إضراب عن قولهم بإقامة البرهان على صدق ما ادعاه. قوله: { وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ } أي على ما ذكرته من كون { رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } دون ما عداه. قوله: { مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } أي العالمين بالبرهان.
قوله: { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } انتقال من دلالة قولية إلى دلالة فعلية، فلما لم يفد فيهم الدليل القولي، عدل إلى الدليل الفعلي هو الكسر، والمعنى لأجتهدن في كسرها، وأكيدنكم فيها. قوله: (بعد ذهابهم إلى مجتمعهم) أي وقد ذهب معهم إبراهيم، فلما كان في أثناء الطريق، ألقى نفسه وقال: إني سقيم، اشتكى رجله فتركوه ومضوا، ثم نادى في آخرهم، وقد بقي ضعفاء الناس: تالله لأكيدن أصنامكم، فسمعها الضعفاء، فرجع إبراهيم إلى بيت الأصنام، وقبالة الباب صنم عظيم، وإلى جنبه أصغر منه، وهكذا كل صنم أصغر من الذي يليه، وكانوا وضعوا عند الأصنام طعاماً يأكلون منه، إذا رجعوا من عيدهم إليهم، فقال لهم إبراهيم ألا تأكلون؟ فلم يجيبوه فكسرها. قوله: (بضم الجيم وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان، وقرئ شذوذاً بفتحها. قوله: (بفأس) هو مهموز الآلة التي يكسر بها الحجر. قوله: { إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ } أي لم يكسره بل تركه، والضمير في { لَّهُمْ } يصح أن يعود على الأصنام أو على عابديها.