خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ
٨٠
وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ
٨١
وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ
٨٢
-الأنبياء

حاشية الصاوي

قوله: { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ } وسبب ذلك، أنه مر به ملكان على صورة رجلين، فقال أحدهما للأخر: نعم الرجل إلا أنه يأكل من بيت المال، فسأل الله أن يرزقه من كسبه، فألان الله له الحديد، فكان يعمل منه الدروع بغير نار، كأنه طين في يده. قوله: (وهي الدرع) أنث الضمير لكون درع الحديد تؤنث وتذكر، وأما درع المرأة أي قميصها فهو مذكر. قوله: (وهو أول من صنعها) أي حلقاً بعضها داخل في بعض، وقبل ذلك كانوا يصنعونها من صفائح متصل بعضها ببعض. قوله: { لَّكُمْ } أي يا أهل مكة. قوله: (في جملة الناس) دفع به ما يرد، كيف تكون لأهل مكة، مع أن صنع داود لم يكن في زمنهم؟ فأفاد أنها نعمة اتصلت بمن بعده، إلى أن كانوا من جملتهم. قوله: (وبالفوقانية للبوس) أي لأنه بمعنى الدرع وهي تؤنث.
قوله: { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } عبر باللام إشارة إلى أن الله ملكه الريح، وجعلها ممتثلة لأمره، وعبر بمع في حق داود، لأن الجبال والطير قد صاحباه في التسبيح واشتركا معه. قوله: (أي شديدة الهبوب) الخ، لف ونشر مرتب. قوله: { تَجْرِي بِأَمْرِهِ } حال. قوله: { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } أي لأنها مقره، فكان ينتقل منها ويرجع إليها، قال وهب: كان سليمان عليه الصلاة والسلام، إذا خرج إلى مجلسه، عكفت عليه الطيور، وقام له الإنس والجن حيث يجلس على سريره، وكان أمراً غازياً، قلما كان يقعد عن الغزو، ولا يسمع في ناحية من الأرض بملك إلا أتاه حتى يذله، وقال مقاتل: نسجت الشياطين لسلمان بساطاً فرسخاً في فرسخ ذهباً في أبرسيم، وكان يوضع له منبر من الذهب وسط البساط، فيقعد عليه وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة، يقعد الأنبياء على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة، وحولهم الناس، وحل والناس الجن والشياطين، وتظله الطير بأجنحتها حتى لا يقع عليه شمس، ويرفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح إلى الرواح، وقال الحسن: لما شغلت نبي الله سليمان الخيل، حتى فاتته صلاة العصر، غضب لله فعقر الخيل، فأبدله الله مكانها خيراً منها، وأسرعت الريح تجري بأمره كيف يشاء، فكان يغدو من إيليا فيقبل باصطخر، ثم يروح منها فيكون رواحها ببابل، وهكذا غدوها شهر ورواحها شهر، حتى ملك الأرض مشرقاً ومغرباً، ملك سلطنة وحكم، وأما رسالته فكانت لبني إسرائيل.
قوله: { وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ } أي الكفار منهم. قوله: (وغيره) أي كالنورة والطاحون والقوارير والصابون، فإن ذلك من استخراجاتهم. قوله: (لأنهم كانوا إذا فرغوا من عمل) الخ، قيل إذا بعث شيطاناً مع إنسان ليعمل له عملاً قال: إذا فرغ من عمله قبل الليل، فاشغله بعمل آخر، لئلا يفسد ما عمله ويخرجه.