خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٢٣
فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ
٢٥
قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٢٦
-المؤمنون

حاشية الصاوي

قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } شروع في ذكر خمس قصص غير قصة خلق آدم، فتكون ستاً: الأولى قصة نوح، الثانية قصة هود، الثالثة قصة القرون الآخرين، الرابعة قصة موسى وهارون، الخامسة قصة عيسى وأمه، والمقصود منه اطلاع الأمة المحمدية على أحوال من مضى، ليقتدوا بهم في الخصال، ويتباعدوا عن خصالهم المذمومة، ونوح لقبه واسمه قيل عبد الغفار، وقيل عبد الله، وقيل يشكر، وعاش من العمر ألف وخمسين، لأنه أرسل على رأس الأربعين، ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، وهذا أحد أقوال تقدمت. قوله: { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } بمنزلة التعليل لما قبله. قوله: (وهو اسم ما) أي قوله: { إِلَـٰهٍ }، وأما لفظ { غَيْرُهُ } فيصح فيه الرفع اتباعاً لمحل إله، والجر اتباعاً للفظه قراءتان. قوله: (وما قبله الخبر) أي وهو الجار والمجرور، وما مشى عليه المفسر، طريقة ضعيفة للنحاة، وهي جواز إعمال ما عند مخالفة الترتيب بين خبرها واسمها، إذا كان الخبر ظرفاً، أو جاراً ومجروراً، والمشهور إهمالها حينئذ، فكان المناسب أن يقول: وهو مبتدأ مؤخر وما قبله الخبر. { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير أجهلتم فلا تتقون. قوله: { فَقَالَ ٱلْمَلأُ } أي الأشراف. وحاصل ما ذكروه خمس مقالات: الأولى { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }. الثانية: { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً }. الثالثة: { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ }. الرابعة: { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ }. الخامسة: { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ }. ولكونها ظاهرة الفساد، لم يتعرض لردها. قوله: (بأن يكون متبوعاً) أي بادعاء الرسالة. قوله: (أن لا يعبد غيره) أشار بذلك إلى أن مفعول المشيئة محذوف. قوله: (بذلك) أي بأن لا يعبد غيره. قوله: (إلا بشراً) أي لأن الملائكة لشدة سطوتهم وعلو شأنهم، ينقاد الخلق اليهم من غير شك، فلما لم يفعل ذلك، علمنا أنه ما أرسل رسولاً. قوله: (حالة جنون) أي ففعلة بالكسر للهيئة. قال ابن مالك: وفعلة لهيئة كجلسة. قوله: (إلى زمن موته) أي فكانوا يقولون لبعضهم: اصبروا فإنه إن كان نبياً حقاً، فالله ينصره ويقوي أمره، وإن كان كاذباً، فالله يخذله ويبطل أمره فنستريح منه، أو المراد بالحين، الزمان الذي تظهر فيه العواقب، فالمعنى انتظروا عاقبة أمره، فإن أفاق وإلا فاقتلوه.
قوله: { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي } أي قال ذلك بعد أن أيس من إيمانهم.