خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
٣
إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
٤
وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ
٥
فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
٧
-الشعراء

حاشية الصاوي

قوله: { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم، والباخع من بخع من باب نفع: قتل نفسه من وجد أو غيظ. قوله: (ولعل هنا للاشفاق) أي فالترجي بمعنى الأمر، والمعنى ارحم نفسك وارأف بها. قوله: (أي أشفق عليها) بقطع الهمزة من الرباعي وبوصلها من الثلاثي، والأول إن تعدى بمن كان بمعنى الخوف، وإن تعدى بعلى كان بمعنى الرحمة والرفق. قوله: { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ } الخ، هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان حقيقة أمرهم، والمعنى لا تحزن على عدم إيمانهم، فإننا لو شئنا إيمانهم لأنزلنا عليهم معجزة تأخذ بقلوبهم، فيؤمنون قهراً عليهم، ولكن سبق في علمنا شقاؤهم، فعدم إيمانهم منا لا منهم، فأرح نفسك من التعب القائم بها، و{ إِن } حرف شرط، و{ نَّشَأْ } فعل الشرط، و{ نُنَزِّلْ } جوابه.
قوله: { آيَةً } أي معجزة تخوفهم، كرفع الجبل فوق رؤوسهم، كما وقع لبني إسرائيل. قوله: (بمعنى المضارع) أشار بذلك إلى أن قوله: { فَظَلَّتْ } مستأنف، ويصح أن يكون معطوفاً على { نُنَزِّلْ }، فهو في محل جزم. قوله: (ولما وصفت الأعناق بالخضوع) ألخ، دفع بذلك ما يقال: كيف جمع الأعناف بجمع العقلاء؟ فأجاب: بأنه لما ناسب الخضوع لها، وهو وصف العقلاء، جميعها بالياء والنون كقوله تعالى:
{ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } [يوسف: 4] { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [فصلت: 11]، وإلا فكان مقتضى الظاهر أن يقول خاضعة، وهناك أجوبة أخر، منها أن المراد بالأعناق الرؤساء، ومنها أن لفظ الأعناق مقحم والأصل فظلوا لها خاضعين، ومنها غير ذلك. قوله: { مِّن ذِكْرٍ } { مِّن } زائدة، وقوله: { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } { مِّنَ } ابتدائية. قوله: (صفة كاشفة) أي لأنه فهم من قوله: { يَأْتِيهِم }، لأن التعبير بالفعل يفيد التجدد والحدوث. قوله: { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } أي غير متأملين. قوله: (عواقب) أي وعبر عنها بالأنباء، لأن القرآن أخبر عنها، والمراد ننزل بهم مثل ما نزل بمن قبلهم.
قوله: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ } أي إلى عجائبها، والهمزة داخلة على محذوف، والواو عاطفة عليه، والتقدير أغفلوا ولم ينظروا إلى الأرض الخ، وهذا بيان للأدلة التي تحدث في الأرض وقتاً بعد وقت، تدل على أنه منفرد بالألوهية، ومع ذلك استمر أكثرهم على الكفر. قوله: { كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا } { كَمْ } في محل نصب مفعول لأبنتنا، و{ مِن كُلِّ زَوْجٍ } تمييز لها. قوله: (نوع حسن) أي كثير النفع.