خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ
٢٦
قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٢٧
ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
٢٨
قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
٢٩
إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
٣٠
أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
٣١
-النمل

حاشية الصاوي

قوله: { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } اعلم أن ما ذكره الهدهد من قوله: { ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ } [النمل: 25] إلى هنا، إنما هو بيان لحقيقة عقيدته وعلومه التي اقتبسها من سليمان، وليس داخلاً تحت قوله: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } [النمل: 22] وإنما ذكر الهدهد ذلك، ليغري سليمان على قتالهم، وليبين أنه لم يكن عنده ميل لهم، بل إنما غرضه وصف ملكها. قوله: (وبينهما بون) أي فضل ومزية. قوله: { قَالَ سَنَنظُرُ } هذه الجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر تقديره: فماذا قال سليمان للهدهد حين أخبره بالخبر؟ قوله: (فهو أبلغ من أم كذبت) أي لأنه يفيد أنه إن كان كاذباً في هذه الحادثة، كان معدوداً من الكاذبين ومحسوباً منهم، والكذب له عادة وليست فلتة يعفى عنه فيها، لأن الكذب على الأنبياء أمره عظيم. قوله: (من عبد الله) خص هذا الوصف لأنه أشرف الأوصاف، وقدم اسمه على البسملة، لأنها كانت في ذلك الوقت كافرة، فخاف أن تستخف باسم الله، فجعل اسمه وقاية لاسم الله تعالى. قوله: (السلام على من اتبع الهدى) أي أمان الله على من اتبع طريق الحق وترك الضلال. قوله: (فلا تعلوا علي) أي لا تتكبروا. قوله: (مسلمين) أي منقادين لدين الله، وفي هذا الخطاب، إشعار بأنه رسول من عند الله، يدعوهم إلى دين الله وليس مطلق سلطان، وإلا لقال وائتوني طائعين. قوله: (ثم طبعه بالمسك) أي جعل عليه قطعة مسك كالشمع.
قوله: { فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ } إما بسكون الهاء أو كسرها من غير إشباع أو بإشباع، ثلاث قراءات سبعيات. قوله: { مَاذَا يَرْجِعُونَ } إن جعل انظر بمعنى انتظر فماذا بمعنى الذي، و{ يَرْجِعُونَ } صلته، والعائد محذوف، ويكون ما مفعول يرجعون والمعنى انتظر الذي يرجعونه، وإن جعل بمعنى تأمل وتفكر، كانت ما استفهامية، وذا بمعنى الذي، ويرجعون صلتها، والعائد محذوف، والتقدير أي شيء الذي يرجعونه، والموصول هو خبر ما استفهامية، أو ماذا كلها اسم واحد مفعول ليرجعون، تقديره أي شيء يرجعون. قوله: (من الجواب) بيان لما. قوله: (وأتاها وحولها جندها) الخ، وقيل أتاها فوجدها نائمة، وقد غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها، وكذلك كانت تفعل إذا رقدت، فألقى الكتاب على نحرها، وقيل كانت لها كوة مستقبلة الشمس تقع فيها حين تطلع، فإذا نظرت إليها سجدت لها، فجاء الهدهد فسد الكوة بجناحيه، فارتفعت الشمس ولم تعلم، فلما استبطأت الشمس قامت تنظر، فرمى بالصحيفة إليها. قوله: (فلما رأته ارتعدت) أي حين وجدت الكتاب مختوماً ارتعدت، لأن ملك سليمان كان في خاتمه، وعرفت أن الذي أرسل الكتاب أعظم ملكاً منها، فقرأت الكتاب، وتأخر الهدهد غير بعيد، وجاءت حتى قعدت على سرير ملكها وجمعت أشراف قومها. قوله: (بقلبها واواً مكسورة) المناسب أن يقول وتسهيل الثانية بين الهمزة والياء وقلبها واواً الخ، فالقراءات ثلاث سبعيات.
قوله: { إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ } الخ، لم تذكر صورة الكتاب، بل اقتصرت على ما فيه الفائدة، لشدة معرفتها وبلاغة لفظها. قوله: { كَرِيمٌ } مكرم معظم. قوله: (مختوم) أي لأن الكتاب المختوم، شعر بالاعتناء بالمرسل إليه، لما ورد: من كتب إلى أخي كتاباً ولم يختمه فقد استخف به.
قوله: { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } جملة مستأنفة وقعت جواباً لسؤال مقدر تقديره: ماذا مضمونه.