خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٩٣
فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٩٤
قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
٩٥
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
٩٦
-آل عمران

حاشية الصاوي

قوله: { كُلُّ ٱلطَّعَامِ } أي الذي هو حلال في شرعنا، فما هو حلال في شرعنا كان حلالاً في شرعه. قوله: (حلالاً) أشار بذلك إلى أنه يقال حل وحلال وكذلك حرم وحرام، قوله: { إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ } معناه بالعربية عبد الله وهو اسمه ويعقوب لقبه. قوله: (عرق النسا) أي وهو عرق ينفر في بطن الفخذ يعجز صاحبه، وورد في دوائه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يؤتى بكبش عربي ويذبح وتؤخذ أليته وتقطع ثم تسلى بالنار، ثم يؤخذ ذلك ويقسم ثلاثة أجزاء ويشرب كل جزء على الريق، قال أنس: فما زلت أصف ذلك لمن نزل به فشفي به أكثر من مائة، قوله: (فنذر إن شفي لا يأكلها) أي وكان لحمها أحب المأكول إليه، ولبنها أحب المشروب إليه، ومثل هذا النذر لا يلزم في شرعنا لأن النذر إنما يلزم به ما ندب، وترك ما ذكر ليس مندوباً، قوله: (فحرم عليه) قيل حرمت أيضاً على أولاده تبعاً له، وقيل هو حرمها على نفسه وعلى ذريته.
قوله: { مِن قَبْلِ } ظرف متعلق بحلاً مع ملاحظة الاستثناء، ويحتمل أنه متعلق بقوله إلا ما حرم قوله: (وذلك بعد إبراهيم) أي بألف سنة، قوله: (صدق قولكم) أي اخباركم عنه بأن ما ذكر حرام عليه. قوله: (فبهتوا) من باب علم أو نصر أو كرم أو زهي، والمعنى دهشوا وتحيروا وانقطعت حجتهم. قوله: { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } أي اختلقه من عند نفسه، قوله: (أن التحريم) أي لخصوص لحوم الإبل والبانها. قوله: { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ } أي ثبت وتقرر صدقه وظهر كذبكم. قوله: (كجميع ما أخبر به) أي كصدقة في جميع أخباره التي جاءت بها الرسل. قوله: (التي أنا عليها) أي وجميع المؤمنين.
قوله: { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } تعريض لهم بأنهم هم المشركون، وبيان أن النبي على ملة إبراهيم من حيث السهولة وأصول الدين. قوله: (ونزل لما قالوا إلخ) أي حين حولت القبلة قالوا لم تحولت عن قبلتنا مع كونها أقدم وأفضل. قوله: (لغة في مكة) أي فأبدلت الميم باء، قوله: (لأنها تبك أعناك الجبابرة) أي وسميت مكة لأنها من المك وهو الإزالة، فإنها تزيل الذنوب وتمحوها، قوله: (بناه الملائكة) ورد أن الله خلق البيت المعمور، وكانت ملائكة السماء تطوف به، اشتاقت ملائكة الأرض لبيت مثله، فأمرهم ببناء بيت محاذ للبيت الذي في السماء وكان من درة بيضاء وطافت به قبل آدم الفي سنة. قوله: (وضع بعده) أي بعد بنائه ظاهره أنه وضع بعد بناء الملائكة بأربعين سنة، فيكون من وضع الملائكة ويكون متقدماً على آدم وليس كذلك، بل الحق أن بيت المقدس وضعه آدم بعد بنائه هو البيت الحرام بأربعين سنة. قوله: (زبدة) بالتحريك رغوة بيضاء. قوله: (ذا بركة) أي من حيث الحج به وتكفير السيئات لمن دخله بذل وانكسار. قوله: (لأنه قبلتهم) أي يتوجهون إليه عند الصلاة، وعموم الآية يشهد بأنه قبلة حتى للجمادات، ولذلك ترى الأشجار عند انحنائها تكون لجهته. قوله: (وبقي إلى الآن) أشار بذلك إلى أن في الحجر آيتين غوص إبراهيم فيه وصعوده به ونزوله به، وكونه باقياً إلى الآن. قوله: (تضعيف الحسنات فيه) أي فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة، قوله: (وأن الطير لا يعلوه) أي لا يمر على ظهره إلا إذا كان بالطير مرض فيمر ليشتفي بهوائه. قوله: (بقتل) أي ولو قصاصاً، هذا ما كان في الجاهلية فكان الرجل يقتل ويدخله فلا يتعرض له ما دام فيه، وأما بعد الإسلام فعند مالك والشافعي أن قتل اقتص منه فيه، وعند أبي حنيفة لا يقتص منه فيه ما دام فيه وإنما يضيق عليه حتى يخرج، وهذا هو الأمر في الدنيا، وأما في الآخرة فبتكفير السيئات ومضاعفة الحسنات.