خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٣٠
أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ
٣١
وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
-يس

حاشية الصاوي

قوله: { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } يحتمل أن يكون من كلام الله، أو الملائكة، أو المؤمنين، والمراد بالعباد جميع الكفار، فأل للجنس، وقيل: المراد بالعباد نفس الرسل، و { عَلَى } بمعنى من، والقائل ذلك الكفار، والتقدير: يا حسرة علينا من مخالفة العباد، والأوجه الأول الذي مشى عليه المفسر. قوله: { إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } الجملة حالية من مفعول { يَأْتِيهِمْ }. قوله: (مسوق) إلخ. أي فهو استئناف واقع في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ما وجه التحسر عليهم؟ قيل: { مَا يَأْتِيهِمْ } إلخ. قوله: (لبيان سببها) أي بواسطة، فإن الاستهزاء سبب لأهلاكهم، وهو سبب للحسرة. قوله: (لاشتماله) أي دلالته
قوله: { أَلَمْ يَرَوْاْ } إلخ، رأى علمية، و { كَمْ } خبرية مفعول لأهلكنا مقدم، و { قَبْلَهُمْ } ظرف لأهلكنا، و { مِّنَ ٱلْقُرُونِ } بيان لكم. قوله: (والاستفهام للتقرير) أي وهو حمل المخاطب على الإقرار بما بعد النفي. قوله: (معمولة لما بعدها) أي وليست معمولة ليروا، لأن { كَمْ } الخبرية لها الصدارة، فلا يعمل ما قبلها فيها. قوله: (معلقة ما قبلها عن العمل). إن قلت: إن { كَمْ } الخبرية لا تعلق، وإنما التعلق للاستفهامية، قال ابن مالك:

وإن ولا لام ابتداء أو قسم كذا والاستفهام ذا له انحتم

أجيب: بأن الخبرية أجريت مجرى الاستفهامية في التعليق. قوله: (والمعنى أنا) { أَهْلَكْنَا } أي وقد علموا ذلك. قوله: (بدل مما قبله) أي بدل اشتمال، لأن إهلاكهم مشتمل ومستلزم لعدم ورجوعهم، أو يدل كل من كل، بناء على تنزيل التلازم منزلة التماثل، كأن إهلاكهم غير رجوعهم. قوله: (برعاية المعنى المذكور) أي وهو قوله: (أنا) { أَهْلَكْنَا } إلخ، والمعنى: قد علموا إهلاكنا كثيراً من القرون السابقة، المشتمل على عدم عودهم إلى هؤلاء الباقين وهم أهل مكة، فينبغي أن يعتبروا بهم. قوله: (نافية) أي و { لَّمَّا } بالتشديد بمعنى إلا، وقوله: (أو مخففة) أي مهملة، ولما بالتخفيف واللام فارقة. قوله: (وما زائدة) للتأكيد، فقد أغنت عن الحصر المستفاد من قراءة التشديد، فتحصل أن من شدد { لَّمَّا } جعلها بمعنى إلا، و { إِن } نافية، وهذا باتفاق البصريين والكوفيين، ومن خفف { لَّمَّا } فالبصريون على أن { إِن } مخففة، واللام فارقة، وما زائدة، وجوز الكوفيين جعل { لَّمَّا } بمعنى إلا، و { إِن } نافية، والقراءتان سبعيتان. قوله: (أي كل الخلائق) أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن المضاف إليه. قوله: (أي مجموعون) دفع بذلك ما يتوهم من ذكر الاستغناء بها عن الجميع، فأجاب: بأن { كُلٌّ } أشير بها لاستغراق الأفراد، و { جَمِيعٌ } أشير بها لاجتماع الكل في مكان واحد للحشر.