خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ
٦٧
وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ
٦٨
وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ
٦٩
-يس

حاشية الصاوي

قوله: { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ } إلخ، يقال فيها ما قيل فيما قبلها، والمسخ تغيير الصور، و { عَلَىٰ } بمعنى في، والمقصود من هاتين الآيتين، تسليته صلى الله عليه وسلم، وتوبيخ الكفار وإعلامهم بأن الله قادر على إذهاب ما بهم من النعم في الدنيا، وأنهم مستحقون ذلك لولا حلمه تعالى، فهاتان الآيتان بمعنى قوله تعالى: { { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ } [الأنعام: 46] الآية. قوله: { وَمَن نُّعَمِّرْهُ } أي من يكون في سابق علمنا طويل العمر. قوله: (وفي قراءة بالتشديد) أي وهما قراءتان سبعيتان ومعناهما واحد، والمعنى نقلبه، فلا يزال يتزايد ضعفه وتنقص قواه؛ عكس ما كان عليه أول مرة. قوله: (أي خلقه) أي خلق جسده وقواه. قوله: (ضعفاً) مقابل قوته؛ وقوله: (وهرماً) مقابل شبابه، فهو لف ونشر مرتب، وهذا في غير الأنبياء عليهم السلام، وأما هم فلا يعتريهم الضعف في العقل والبدن، وإن طال عمرهم جداً، واستعاذته صلى الله عليه وسلم من الرد لأرذل العمر تعليم لأمته، ويلحق بالأنبياء العلماء العاملون، فلا يهرمون ولا يضعفون بطول العمر، بل يكونوا على أحسن ما كانوا عليه. قوله: { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } الهمزة داخلة على محذوف، والتقدير أتركوا التفكر فلا يعقلون. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً.
قوله: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } هذا تنزيه من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عن آلهتهم فيما أوحاه الله إليه، إذ لو كان للعقل فيه بعض اتهام، لبطل الاحتجاج به. قوله: (رد لقولهم أن ما أتى به من القرآن شعر) أي وحينئذ فيصير المعنى: ليس القرآن بشعر، لأن الشعر كلام مزخرف موزون مقفى قصداً مبني على خيالات وأوهام واهية، وأين ذلك من القرآن العزيز، الذي تنزه عن مماثلة كلام البشر. قوله: { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أي لا يصح ولا يليق منه، لأن الشعر شأنه الأكاذيب، وهي عليه مستحيلة، ولذا قيل: أعذبه أكذبه، فتحصل أن النبي لا ينبغي له الشعر، ولا يليق منه. إن قلت: إنه تمثل بقول ابن رواحة:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود

وأنشأ من نفسه قوله:

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

وقوله:

هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت

قلت: أحسن ما أجيب به: أن أنشاده بيت ابن رواحة، وإنشاء البينين المقدمين، لم يكن عن قصد، وإنما وافق وزن الشعر، كما في بعض الآيات القرآنية، فليس كل من قال قولاً موزوناً، لا يقصد به الشعر شاعراً، وإنما وافق وزن الشعر.