خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
١٥٥
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ
١٥٦
فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٥٧
وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
١٥٨
سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
١٥٩
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٠
فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
١٦١
مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ
١٦٢
إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ
١٦٣
وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
-الصافات

حاشية الصاوي

قوله: { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } انتقال من توبيخهم إلى إلزامهم الحجة بما لا وجود له، ولا يقدرون على اثباته. قوله: (التوراة) الصواب اسقاطه لأن الخطاب مع المشركين، والتوراة ليس لهم. قوله: { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ } التفات من الخطاب للغيبة، اشارة إلى أنهم يعبدون من رحمة الله، وليسوا أهلاً لخطابه. قوله: (لاجتنانهم عن الأبصار) أي استتارهم عنها.
قوله: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } هذا زيادة في تبكيتهم وتكذيبهم كأنه قيل: هؤلاء الملائكة الذين عطمتموهم وجعلتموهم بنات الله أعلم بحالكم، وما يؤول إليه أمركم ويحكمون بتعذيبكم، على سبيل التأبيد. قوله: { سُبْحَانَ } إلخ، هذا من كلام الملائكة، تنزيه لله تعالى عما وصفه به المشركون بعد تكذيبهم له، فكأنه قيل: ولقد علمت الملائكة أن المشركين لمعذبون بقولهم ذلك، وقالوا سبحان الله عما يصفونه به، ولكن عباد الله المخلصين الذين نحن من جملتهم، برآء من هذا الوصف، وقوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } تعليل وتحقيق لبراءة المخلصين، ببيان عجزهم عن اغوائهم. قوله: (استثناء منقطع) أي من الواو في { يَصِفُونَ } وهو في قوة الاستدراك، دفع به ما يتوهم ثبوته أو نفيه، كأنه قال: تنزه الله عن وصف الكفار له تعالى، وأما وصف المؤمنين المخلصين له فلا يتنزه عنه، لأنهم لا يصفونه تعالى إلا بالكمالات. قوله: (أي على معبودكم) أشار بذلك إلى أن الضمير في (عليه) عائد على { مَآ } وعلى هذا، فالواو للمعية، و { مَآ } مفعول معه ساد مسد خبر إن. قوله: { بِفَاتِنِينَ } مفعوله محذوف قدره المفسر بقوله: (أحداً) والمعنى: إنكم مع معبودكم، لستم بمفسدين أحداً، إلا من سبقت له الشقاوة في علم الله. قوله: (إلا من هو صال الجحيم) استثناء من المفعول الذي قدره المفسر، و (صال) مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوف لالتقاء الساكنين، فهو معتل كقاض. قوله: (في علم الله تعالى) أي من علم الله أنه من أهل الجحيم، فإنه يميل إلى الكفر وأهله.
قوله: { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } هذا حكاية عن اعتراف الملائكة بالعبودية رداً على عبدتهم والمعنى: ليس منا أحد، إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة، وامتثال ما يأمرنا الله تعالى به. قال ابن عباس: ما في السماوات موضع شبر، إلا وعليه ملك يصلي ويسبح، وقيل: إن هذه الثلاث آيات، نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى، فتأخر جبريل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهنا تفارقني؟ فقال جبريل: ما أستطيع أن أتقدم عن مكاني هذا، وأنزل الله تعالى حكاية عن الملائكة { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } الآيات، وفي الحديث:
"ما في السماوات موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم" . قوله: (أحد) قدره إشارة إلى أن في الآية حذف الموصوف وابقاء صفته وهو مبتدأ، والخبر جملة قوله: { إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } والتقدير: ما أحد منا إلا له مقام معلوم. قوله: (أقدامنا في الصلاة) أشار بذلك إلى أن المفعول محذوف. قوله: (مخففة من الثقيلة) أي واللام فارقة، والمعنى: أن قريشاً كانت تقول قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن لنا كتاباً مثل كتاب الأولين، لأخلصنا العبادة لله تعالى، وهذا نظير قوله تعالى: { { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } [فاطر: 42].