خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ
٥٦
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ
٥٧
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٨
بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
٥٩
وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ
٦٠
-الزمر

حاشية الصاوي

قوله: { أَن تَقُولَ نَفْسٌ } معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله: (بادروا قبل) { أَن تَقُولَ } الخ، وقدره غيره، كراهة أو مخافة { أَن تَقُولَ نَفْسٌ } الخ، وحينئذ فيكون مفعولاً لأجله، وهو أسهل مما قدره المفسر، والمراد نفس الكافر، ونكرها للتحقير. قوله: (أصله يا حسرتي) أي فقلبت الياء ألفاً، فهي في محل جر ونداؤها مجاز، أي هذا أوانك فاحضري. قوله: (أي طاعته) اشار بذلك إلى أن المراد بالجنب الطاعة مجازاً، لأن الجنب في الأصل الجهة المحسوسة، ويرادفه الجانب، فشبهت الطاعة بالجهة بجامع تعلق كل بصاحبه، لأن الطاعة لها تعلق بالله تعالى، والجهة لها تعلق بصاحبها. قوله: { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } الجملة حالية، والمعنى فرطت في جنب الله وأنا ساخر. قوله: { أَوْ تَقُولَ } الخ، و { أَوْ } للتنويع في مقالة الكافر. قوله: (بالطاعة) وفي نسخة بإلطافه أي إسعافه، ولو قال بآياته لكان أظهر. قوله: { فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } إما معطوف على { كَـرَّةً } فيكون من جملة التمني، والفاء عاطفة للفعل على الاسم الخالص، نظير قول الشاعر:

لولا توقع معتر فأرضيه ما كنت أوثر أتراباً على ترب

ويكون إضمار { أَنَّ } جائزاً لا واجباً، قال ابن مالك:

وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه إن ثابتاً أو منحذف

أو منصوب في جواب التمني، ويكون مرتباً على التمني، والفاء للسببية، وإضمار { أَنَّ } واجب. قوله: (فيقال له) الخ، أي جواباً لمقالته الثانية، وأخر عن الثانية، ليتصل كلام الكافر بعضه ببعض، ولم تؤخر المقالة الثانية عن الثالثة، لئلا يكون مخالفاً للترتيب الوجودي، فإن الكافر أولاً يتحسر، ثم يحتج بحجج واهية، ثم يتمنى الرجوع إلى الدنيا، إن قلت: إن { بَلَىٰ } يجاب بها النفي ولا نفي في الآية، أجيب: بأن الآية متضمنة للنفي، لأن معنى قوله: { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } لم يهدني. قوله: (وهي سبب الهداية) أشار بذلك إلى أن المراد بالهداي الوصول بالفعل، وإما إن أريد بها مطلق الدلالة، فالآيات نفسها دالة. قوله: (بنسبة الشريك) الخ، أشار بذلك إلى أن المراد كذب يؤدي للكفر، وإلا فظاهر الآية يعم كل كذب على الله تعالى، وحينئذ ففيها تحذير وتخويف لمن يعتمد الكذب على الله تعالى، كالافتاء بغير الشرع، ورواية الحديث بالكذب.
قوله: { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } الجملة حالية إن جعلت الرؤية بصرية، أو مفعول ثان إن جعلت علمية. قوله: { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ } الخ، هذا تقرير لاسوداد وجوههم. هذا تقرير لاسوداد وجوههم.