خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً
١٦٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً
١٦٧
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً
١٦٨
إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
١٦٩
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧٠
-النساء

حاشية الصاوي

قوله: { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } استدراك على ما ذكر في سبب النزول. قوله: (من القرآن المعجز) أي لكل مخلوق، ولم ينزل كتاب معجز يتحدى به على نبي من الأنبياء غير نبينا. قوله: { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } أشار المفسر إلى أن الباء للملابسة أو بمعنى في، والمعنى على الأول أنزله ملتبساً بعلمه، أي وهو عالم به، لأن التأليف يحسن على قدر علم مؤلفه، فحيث كان هذا القرآن ناشئاً عن علم الله التام المتعلق بكل شيء، كان في أعلى طبقات البلاغة، فلا يمكن أحداً غيره الإتيان بشيء منه، والمعنى على الثاني أنزله، والحال أن فيه علمه أي معلوماته الغيبية، بمعنى أنه مشتمل على المغيبات، وعلى مصالح الخلق وما يحتاجون إليه، فحيث اشتمل على ذلك فهو شاهد صدق على أنه من عند الله، وإنما خص القرآن بالذكر لأن إنكارهم وتعرضهم كان له، ولأنه أكبر معجزاته.
قوله: { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } لفظ الجلالة فاعل كفى، والباء زائدة، وشهيداً حال، وقوله: (على ذلك) أي على صحة نبوتك، والمعنى أن شهادة الله تغنيك وتكفيك. قوله: { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي منعوا الناس من طريق الهدى. قوله: { ضَلَٰلاً بَعِيداً } أي لأنهم ضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم، ومن كان هذا وصفه يبعد عنه الهدى. قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } وهم اليهود. قوله: { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } أي مريداً ليغفر لهم حيث ماتوا على الكفر. قوله: { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } استثناء متصل لأنه مستثنى من عموم الطرق، والمراد بجهنم الدار المسماة الحطمة، والمعنى "أنهم لا يهتدون إلى طريق الرشاد أبداً، بل دائماً أعمالهم تجرهم إلى طريق جهنم. قوله: { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } رد بذلك عليهم حيث زعموا وقالوا:
{ { نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ } [المائدة: 18] ولا يهون عليه أن يعذب أحباؤه. قوله: (أي أهل مكة) جري على القاعدة، وهو أن المخاطب بيا أيها الناس أهل مكة، ولكن المراد العموم.
قوله: { بِٱلْحَقِّ } متعلق بجاء، وقوله: { مِن رَّبِّكُمْ } متعلق بمحذوف حال من الحق، أي جاءكم بالحق حال كونه من ربكم. قوله: (واقصدوا) { خَيْراً } أشار بذلك إلى أن قوله خيراً مفعول لمحذوف، ويصح أن يكون خبراً لكان المحذوفة، والتقدير آمنوا يكن الإيمان خيراً وهو الأقرب. وقوله: (مما أنتم فيه) أي وهو الكفر على حسب زعمكم أن فيه خيراً، وإلا فالكفر لا خير فيه. قوله: (لا يضره كفركم) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف، وقوله: { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } دليل الجواب. قوله: { حَكِيماً } (في صنعه) أي لا يصنع شيئاً إلا محكماً متقناً. قوله: (الإنجيل) أي فالخطاب للنصارى فقط، ويحتمل أنه خطاب لليهود والنصارى، لأن غلو اليهود بتنقيص عيسى حيث قالوا إنه ابن زانية، وغلو النصارى بالمبالغة في تعظيمه حيث جعلوه ابن الله.