خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ
٥٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ
٥٣
هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
٥٤
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ
٥٥
-غافر

حاشية الصاوي

قوله: { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ } بدل من يوم الأول. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما سبعيتان. قوله: (لو اعتذروا) جواب عما يقال: مقتضى الآية أنهم يذكرون أعذارهم، إلا أنها لا تنفعهم، وحينئذ يكون بينها وبين الآية الأخرى وهي { { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 36] تناف، فأجاب: بأن معنى (لو اعتذروا) فرضاً لا تنفعهم معذرتهم، فهذه الآية على سبيل الفرض والتقدير.
قوله: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } هذا مرتب على قوله:
{ { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [غافر: 51] فهذا من النصر الدنيوي الموصل لنصر الأخروي. قوله: (من بعد موسى) أي إلى نزول عيسى، فآتاه الله الإنجيل، ناسخة لبعض أحكام التوراة. قوله: { ٱلْكِتَابَ } لم يعبر عنه في جانب بني إسرائيل بالهدى، كما عبر في جانب موسى، إشارة إلى أنه لم يكن هدى لجميعهم، بل هدى لمن آمن وصدق، ووبال لمن طغى وكفر. قوله: (هادياً) أشار بذلك إلى أن { هُدًى } حال من { ٱلْكِتَابَ }، وكذا قوله: { وَذِكْرَىٰ }. قوله: { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } هذا نتيجة ما قبله، أي إذا علمت أن الله ناصر لرسله في الدنيا والآخرة، فاصبر حتى يأتيك النصر من ربك.
قوله: { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } أي اطلب المغفرة من ربك لذنبك، والمقصود من هذا الأمر، تعليم الأمة ذلك، وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من الذنب جميعاً، صغائر وكبائر، قبل النبوة وبعدها على التحقيق كجميع الأنبياء، وإلى هذا أشار المفسر بقوله: (ليستن بك) أي يقتدى بك، وأجيب أيضاً: بأن الكلام على حذف مضاف، والتقدير: واستغفر لذنب أمتك، وإنما أضيف الذنب له، لأنه شفيع لهم، وأمرهم متعلق به، فإذا لم يسع في غفرانه في الدنيا، اتبعه في الآخرة، قال تعالى:
{ { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } [التوبة: 128] وكل هذا تشريف لهذه الأمة المحمدية، فقد تشرفت بأمور: منها أن نبيها مأمور بالاستغفار لها، ومنها صلاة الله وملائكته عليها، وغير ذلك. وأجيب أيضاً: بأن المراد بالذنب خلاف الأولى، وسمي ذنباً بالنسبة لمقامه، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله: (صلِّ) إنما فسر التسبيح بالصلاة لقرينة قوله: (وبعد) { بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }. قوله: (وهو من بعد الزوال) أي وفيه أربع صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: { وَٱلإِبْكَارِ } أي وهو من الفجر إلى الزوال، وفيه صلاة واحدة وهي الصبح، فلذلك قال: الصلوات الخمس.