قوله: {صَرْصَراً} من الصر وهو البرد، أو من الصرير، وهو التصويت بشدة، والمفسر جمع بينهما. قوله: (بكسر الحاء وسكونها) أي فهما قراءتان سبعيتان، وقيل: هما صفة مشبهة، والسكون للتخيف، كأشر وفرح، وقيل: إنه بالسكون مصدر وصف به. قوله: (مشؤومات) أي غير مباركات من الشؤم ضد اليمن. وهو تفسير لكل من القراءتين، وكان آخر شوال صبح الأربعاء، إلى غروب الأربعاء التي يليها، وذلك سبع ليال وثمانية أيام حسوماً. قال ابن عباس: ما عذي قوم إلا في يوم الأربعاء. قوله: {عَذَابَ ٱلْخِزْيِ} أي العذاب الخزي، فهو من إضافة الموصوف لصفته، وقوله: (الذل) وصف به العذاب مبالغة، وإلا فحقه أن يوصف به أصحاب العذاب.
قوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} شروع في ذكر أحوال الطائفة الثانية. قوله: (بينا لهم طريق الهدى) أي فالمراد بالهداية الدلالة، لا الوصول بالفعل. قوله: {عَلَى ٱلْهُدَىٰ} أي الإيمان. قوله: (المهين) أي الموقع في الإهانة والذل. قوله: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ} أي من الكفر وتكذيب نبيهم. قوله: {وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} أي مع صالح وكانوا أربعة آلاف، وتقدم في الأعراف أنه نجا من كان مع هود، قال تعالى: (فأنجيناه والذين آمنوا معه برحمة منا) وكانوا أربعة آلاف أيضاً، كما تقدم لنا في سورة هود. قوله: {وَ} (اذكر) {يَوْمَ يُحْشَرُ} {يَوْمَ} ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله: (اذكر). قوله: (بالياء) أي مع فتح الشين ورفع {أَعْدَآءُ} على أنه نائب فاعل. قوله: (وفتح الهمزة) أي من {أَعْدَآءُ} على أنه مفعول، والفاعل على أنه على كل هو الله تعالى، والقراءتان سبعيتان.
قوله: {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} المراد بهم كل من كان من أهل الخلود في النار مطلقاً، من أول الزمان لآخره. قوله: {إِلَى ٱلنَّارِ} المراد موقف الحساب، وإنما عبر بالنار لأنها عاقبة حشرهم. قوله: (يساقون) وفسره البيضاوي بحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا، ولا ينافي ما قاله المفسر، فإن المراد يساق آخرهم ليلحق أولهم، فيحصل الاجتماع والازدحام، حتى يكون على ألف قدم. قوله: (زائدة) أي للتأكيد، وإنما أكده لأنهم ينكرون مضمون الكلام.
قوله: {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} إلخ، أي بأن يخلق الله فيها النطق والفهم والإدراك كاللسان، فتقر بما فعلته من المعاصي حقيقة وهو التحقيق، وقيل: النطق كناية عن ظهور المعاصي على تلك الجوارح، كظهور النتونة على فروج الزناة، ونحو ذلك، وقيل: النطق من غير فهم ولا إدراك. "عن أنس بن مالك قال: كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: أتدرون مم أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه فيقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز اليوم على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، وبالكرام الكاتبين البررة عليك شهوداً، قال: فيختم علي فيه ويقال لأركانه انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبينها فيقول: بعداً لكن وسحقاً، فعنكن كنت أناضل" . قوله: {وَجُلُودُهُم} المراد بها مطلق الجوارح، فيكون من عطف العام على الخاص، وقيل: المراد بالجلود خصوص الفروج، ويكون التعبير عنها بالجلود من باب الكناية، ويكون هذا في شهادة الزنا، وحينئذ فالآية فيها الوعيد الشديد على إتيان الزنا، والأقرب الأول.