خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
١٧
أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ
١٨
وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
١٩
وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
٢٠
-الزخرف

حاشية الصاوي

قوله: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم } الخ كلام مستأنف تقرير لما قبله، وزيادة توبيخ لهم، وترقّ في الرد عليهم. قوله: { بِمَا ضَرَبَ } ما موصولة واقعة على الأنثى بدليل الآية الأخرى { { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } [النحل: 58] و { ضَرَبَ } بمعنى جعل، والمفعول الأول محذوف هو العائد أي ضربه، و { مَثَلاً } هو المفعول الثاني. قوله: (شبهاً) أشار بذلك إلى أن المثل بمعنى الشبه أي المشابه، وليس بمعنى الصفة الغريبة. قوله: { وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } الجملة حالية. قوله: { أَوَمَن يُنَشَّأُ } قرأ العام بفتح الياء وسكون النون من نشأ، وبضم الياء وفتح النون وتشديد الشين مبنياً للمفعول، أي يربى قراءتان سبعيتان، وقرئ شذوذاً ينشأ بضم الياء مخففاً، ويناشأ كيقاتل مبنياً للمفعول. قوله: (همزة الإنكار) إلخ، أي إنهما كلمتان لا كلمة واحدة هي أو التي للعطف، فتحل أن { مِنْ } معمولة لمحذوف معطوف بواو العطف على محذوف، والتقدير: أيجترئون، ويسيئون الأدب ويجعلون من ينشأ الخ؟ وقوله: (الزينة) أي إن الأنثى تتزين في الزينة لنقصها، إذ لو كملت في نفسها لما احتاجت للزينة. قوله: { وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } الجملة حالية، والمعنى غير قادر على تقرير دعواه وإقامة الحجة، لنقصان عقله وضعف رأيه، فقلما تكلمت امرأة تريد أن تتكلم بحجة لها، إلا تكلمت بالحجة عليها. قوله: (مظهر الحجة) أشار بذلك إلى أنه من بان المتعدي، وسابقاً أفاد أنه من أبان اللازم، وهما استعمالان.
قوله: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ } إلخ، المراد بالجعل القول والحكم، وهو بيان أنواع أخر من كفرياتهم لأن نسبة الملائكة الذين هم أكمل العباد وأكرمهم على الله للأنوثة التي هي وصف خسة كفر، ورد أنهم لما قالوا ذلك، سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"ما يدريكم أنها إناث؟" قالوا سمعنا من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فنزل { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }. قوله: { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ } إلخ، مفعول { شَآءَ } محذوف، أي عدم عبادة الملائكة ما عبدناهم، وهذا استدلال منهم بنفي مشيئة عدم العبادة، على امتناع النهي عنها، لزعمهم أن المشيئة متحدة مع الرضا وهو فاسد، لأن الله تعالى قد يريد ما لا يرضاه، فهو بيان لنوع آخر من كفرياتهم، فتحصل أنهم كفروا بمقالات ثلاث: هذه، وقولهم: الملائكة إناث، وقولهم: الملائكة بنات الله.
قوله: { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } قال هنا بلفظ { يَخْرُصُونَ } وفي الجاثية بلفظ (يذنون) لأن ما هنا متصل بقوله: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ } الآية، أي قالوا: الملائكة بنات الله وإن الله قد شاء عبادتنا إياهم وهذا كذب فناسبه { يَخْرُصُونَ } وما هناك متصل بخلطهم الصدق بالكذب، لأن قولهم
{ { نَمُوتُ وَنَحْيَا } [الجاثية: 24] صدق، وإنكارهم البعث وقولهم { { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } [الجاثية: 24] كذبه فناسبه يظنون.