خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
٢١
بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ
٢٢
وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ
٢٣
قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٢٤
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٢٥
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ
٢٦
إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
٢٧
-الزخرف

حاشية الصاوي

قوله: { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ } تنويع في الإنكار عليهم مرتبط بقوله: { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ }. قوله: (أي لم يقع ذلك) أشار به إلى أن الهمزة للإنكار.
قوله: { بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ } إلخ، أي لم يأتوا بحجة عقلية ولا نقلية، بل اعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم. قوله: { أُمَّةٍ } قرأ العام بضم الهمزة بمعنى الطريقة والملة، وقرئ شذوذاً بكسرها بمعنى الطريقة أيضاً، وبالفتح المرة من الأم وهو القصد. قوله: (ماشون) أشار بتقدير هذا، إلى أن الجار والمجرور خبر إن، وعليه فيكون { مُّهْتَدُونَ } خبراً ثانياً. قوله: { مُّهْتَدُونَ } قاله هنا بلفظ { مُّهْتَدُونَ } وفيما يأتي بلفظ { مُّقْتَدُونَ } تفنناً. قوله: { وَكَذَلِكَ } أي والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتمسكهم بالتقليد، وقوله: { مَآ أَرْسَلْنَا } استئناف مبين لذلك، دال على أن التقليد فيما بينهم ضلال قديم، ليس لأسلافهم أيضاً مستند غيره، وفيه تسلية لرسول الله.
قوله: { إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } جمع مترف اسم مفعول، وتفسير المفسر له باسم الفاعل تفسير باللازم. قوله: (مثل قول قومك) مفعول مطلق نعت مصدر محذوف، أي قولاً مثل قول قومك وقوله: { إِنَّا وَجَدْنَآ } مقول القول. قوله: (قُلْ) (لهم) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلن أي قل لقومك يا محمد إلخ. قوله: { بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ } إلخ، أي بدين أهدى وأصوب مما وجدتم إلخ، أي من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء، والتعبير بالتفصيل لأجل التنزل معهم وإرخاء العذاب.
قوله: { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } أي فلا تكترث بتكذيب قومك لك، فإن عاقبتهم كغيرهم من المكذبين. قوله: (واذكره) قدره إشارة إى أن الظرف معمول لمحذوف، وسيأتي أن قوله:
{ { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الزخرف: 28] متعلق بذلك المحذوف. قوله: { لأَبِيهِ } تقدم الخلاف في كونه أباه حقيقة أو عمه، وتوجيه كل من القولين مفصلاً. قوله: { بَرَآءٌ } العام على فتح الباء والراء، بعدها ألف فهمزة، مصدر وقع موقع الصفة وهي بريء، فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وقرئ شذوذاً بضم الباء وكسرها، بوزن طوال وكرام.
قوله: { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } يحتمل أن الاستثناء منقطع، بناء على أنهم كانوا يشركون مع الله غيره، وذلك أنهم كانوا يعبدون النمروذ، ويحتمل أن إلا صفة بمعنى غير. قوله: (يرشدني لدينه) أي يدلني على أحكامه من صلاة وغيرها، ودفع بذلك ما يقال: إن الهداية حاصلة، لكونه مجبولاً على التوحيد من
{ { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } [الأعراف: 172] فكيف يعبر بالمضارع فضلاً عن اقترابه بالسين، فأجاب بما ذكر، نظير ما أجاب به عن قوله: { { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [الشورى: 52] وأجيب أيضاً: بأن السين زائدة، والمضارع للدلالة على الاستمرار، والمعنى يديمني على الهدى، وأجيب أيضاً: بأن المعنى سيثبتني على الهداية. قوله: (أي كلمة التوحيد) إلخ، تفسير للضمير البارز، والضمير المستتر يعود على إبراهيم، والمعنى: أن إبراهيم وصى بهذه الكلمة عقبه، قال تعالى: { { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ } [البقؤة: 132] الآية. قوله: (أي أهل مكة) أشار بذلك إلى أن قوله: { لَعَلَّهُمْ } إلخ، متعلق باذكر الذي قدره، والمعنى: اذكر يا محمد لقومك ما ذكر، ليحصل عندهم رجوع إلى دين إبراهيم.