خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ
٣٨
وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
٣٩
أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٠
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ
٤١
أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ
٤٢
فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤٣
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ
٤٤
-الزخرف

حاشية الصاوي

قوله: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا } بالإفراد والتثنية قراءتان سبعيتان، فعلى الأولى فاعل جاء ضمير مستتر يعود على العاشي، وعلى الثانية ضمير التثنية. قوله: (بقرينه) أي مع قرينه. قوله: { يَا } (للتنبيه) ويصح أن تكون للنداء، والمنادى محذوف تقديره قريني. قوله: { بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } اسم { لَيْتَ } مؤخر، وفيخ تغليب (المشرق والمغرب). قوله: (أي مثل ما بين المشرق والمغرب) أي في أنهما لا يجتمعان ولا يقربان منه، لأنهما ضدان. قوله: (أنت) هو المخصوص بالذم. قوله: (قال تعالى) الماضي بمعنى المضارع، لأن هذا القول يحصل في الآخرة. (أي العاشقين) تفسير للكاف، وقوله: (وتمنيكم وندمكم) للضمير المستتر، فهو إشارة إلى أنه فاعل ينفع، وهو معلوم من السياق دل عليه قوله: { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ } إلخ، وبعضهم قال: إن الفاعل هو { أَنَّكُمْ } وما في حيزها، والتقدير: ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب، وأتى بها دفعاً لما قد يتوهم من أن عموم المصيبة يهونها، كمصائب الدنيا، فإنها إذا عمت هانت، بل في الآخرة عمومها موجب لعظمها وهولها. قوله: (أي تبين لكم) أي الآن في الآخرة، ودفع بذلك ما يقال: إن الظلم وقع في الدنيا، و { ٱلْيَوْمَ } عبارة عن يوم القيامة. قوله: و { إِذ } بدل من { ٱلْيَوْمَ } أي بدل كل، إن قلت: لن ينفعكم عامل في اليوم، وإذ مع أنه مستقبل، واليوم ظرف حالي، وإذ ظرف ماض، فكيف يعمل المستقبل في الحال والماضي؟ أجيب: بأن عمله في الحال، من حيث إنه فريق من الاستقبال، وتقدم أن الماضي مؤول بالحال.
قوله: { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي أنت لا تسمعهم، كما أشار له المفسر، وهذه الآية نزلت لما كان يجتهد في دعائهم، وهو لا يزدادون إلا تصميماً على الكفر. قوله: { وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } عطف على { ٱلْعُمْيَ } ويكفي في العطف تغاير العنوان، وإلا فالأوصاف الثلاثة مجتمعة في كل كافر. قوله: (بأن نميتك قبل تعذيبهم) أي نقبضك الينا قبل انتقامنا منهم. قوله: { فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } أي فلا يعجزوننا، وقد وقع بهم العذاب على يده في الدنيا، وعلى أيدي أتباعه بعد موته إلى يوم القيامة، ولعذاب الآخرة أشد. قوله: { فَٱسْتَمْسِكْ } أي دم على الاستمساك.
قوله: { إِنَّكَ } إلخ تعليل للأمر بالاستمساك. قوله: { وَلِقَوْمِكَ } أي قريش خصوصاً ولغيرهم عموماً، فهو شرف لكل من تبعه، وهذه الآية نظير قوله تعالى:
{ { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [الأنبياء: 10].