خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٢
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٣
-الأنعام

حاشية الصاوي

قوله: { قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الجار والمجرور خبر مقدم، وما اسم موصول مبتدأ مؤخر، وفي السماوات والأرض صلة الموصول والأصل قل ما في السماوات والأرض صلة الموصول والأصل قل ما في السماوات والأرض لمن، وإنما قدم الخبر لأن اسم الاستفهام له الصدارة، وهذه حجة قاطعة لا يمكن ردها أبداً. قوله: { قُل للَّهِ } أي تقرير لهم وتنبيه على أنه المتعين للجواب بالاتفاق لقوله تعالى: { { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [لقمان: 25، الزمر 38]. قوله: (لا جواب غيره) في معنى التفريع أو التعليل، فالمناسب أن يقول فلا، أو لأنه لا جواب غيره.
قوله: { كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } أي ألزم الرحمة لأنه وعد بها، ووعده لا يتخلف، فهي واجبة شرعاً لا عقلاً والرحمة هي النعمة، هي عامة لكل مخلوق في الدنيا، قال تعالى
{ { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [الأعراف: 156] فمن رحمته إمهال العصاة والكفار، وترادف الرزق عليهم، وأما بعد استقرار الخلق في الدارين فتختص الرحمة بأهل الجنة، ويختص غضب الله بأهل النار. قوله: (فضلاً منه) رد بذلك على المعتزلة القائلين بأن الرحمة واجبة عقلاً على الله يستحيل تخلفها، إذ هو نقص، والنقص عليه محال. قوله: (وفيه تلطف في دعائهم إلى الإيمان) أي في ذكر الرحمة بهذا العنوان، فلا تقنطوا بل إذا تبتم قبلكم.
قوله: { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } اللام موطئة لقسم محذوف، وهو كلام مستأنف مؤكد بالقسم والنون إشارة إلى أن ذلك الأمر لا بد منه. قوله: { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ } يحتمل أن إلى على بابها متعلقة بمحذوف تقديره ليجمعنكم في القبور ويحشرنكم إلى يوم القيامة، ويحتمل أنها بمعنى اللام أو في زائدة. قوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي في الجمع يوم القيامة، أو في يوم القيامة الذي يحصل فيه الجمع. قوله: { ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } الذين مبتدأ، وخسروا صلته، وأنفسهم مفعول لخسروا، وقوله: { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } مبتدأ وخبر، والجملة خبر المبتدأ. إن قلت: إن ظاهر الآية أن عدم الإيمان مسبب عن الخسران، مع أن الخسران مسبب عن عدم الإيمان. أجيب: بأن المعنى الذين خسروا أنفسهم في علم الله أي قضى ليهم بالخسران أزلاً، فهم لا يؤمنون فيما لا يزال، فالآية باعتبار ما في علم الله، وأما تسبب الخسران عن عدم الإيمان فبحسب ما يظهر للعباد. قوله: { وَلَهُ مَا سَكَنَ } هذا أيضاً من جملة أدلة التوحيد، زيادة في التشنيع على من كفر. قوله: (حل) أشار بذلك إلى أنه لا حذف في الآية، وعليه جمهور المفسرين، فمعنى حل وجد فيشمل الساكن والمتحرك، وقيل إن سكن من السكون ضد الحركة، وعليه ففي الآية حذف تقديره وما تحرك.