خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٩
-الأعراف

حاشية الصاوي

قوله: { وَيَآءَادَمُ } تقدير المفسر قال يفيد أنه معطوف على: { ٱخْرُجْ } مسلط عليه عامله، عطف قصة على قصة، ويصح عطفه على قوله: { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ } فيكون مسلطاً عليه، قلنا وربما كان هذا أقرب من حيث المناسبة، والأول أقرب من حيث قرب المعطوف من المعطوف عليه، وهذا القول يحتمل أنه واقع من الله مباشرة أو على لسان ملك. قوله: (تأكيد للضمير في اسكن) أي وليس هو الفاعل، لأن فاعل فعل الأمر واجب الاستتار، وقوله: (ليعطف عليه) { وَزَوْجُكَ } جواب عما يقال لم أتى بالضمير المنفصل. قوله: (حواء) سميت بذلك لأنها خلقت من حي وهو آدم، وذلك أن آدم لما أسكن الجنة، مشى فيها مستوحشاً، فلما نامت خلقت من ضلعه القصير من شقه الأيسر، ليسكن إليها ويأنس بها، فلما استيقظ ورآها مال إليها، فقالت له الملائكة: يا آدم حتى تؤدي مهرها، فقال: وما مهرها؟ فقالوا: ثلاث صلوات أو عشرون صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. إن قلت: إن شرط المهر أن يكون متمولاً، وهذا ليس بمتمول. أجيب: بأن هذا الشرط في شرع محمد، ولم يكن في شرع آدم، وأيضاً الأمر هو الله وهو يحكم لا معقب لحكمه، وأيضاً من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوج بلا مهر أصلاً، فلما كان هو الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت لكل أحد، حتى أبيه آدم، وأمر الله آدم بالسكون في الجنة، قيل قبل دخول الجنة، فتوجيه الخطاب لحواء باعتبار تعلق علم بها، فإنها لم تكن خلقت إذ ذاك، وقيل بعد الدخول وهو المعتمد، وعليه فيكون المراد من الأمر بالسكون الاستمرار.
قوله: { فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا } أي في أي مكان، وفي الكلام حذف بعد من، والأصل فكلا من ثمارها حيث شئتما، وترك رغداً من هذا اكتفاء يذكره في البقرة، وأتى بالفاء هنا، وفي البقرة بالواو وتفننا وإشارة إلى أن كلاً من الحرفين بمعنى الآخر، وقيل إن الواو تفيد الجمع المطلق، والفاء تفيد الجمع على سبيل التعقيب، فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو فلا منافاة، وما ذكره شيخ الإسلام من الجواب بعيد، كما تقدم لنا في البقرة فانظره. بقي شيء آخر وهو أنه وجه الخطاب أولاً لآدم، وثانياً لهما، وحكمة ذلك أن حواء في السكنى تابعة لآدم، فوجه الخطاب في السكنى لآدم، وأما في الأكل من حيث شاءا، والنهي عن قربان الشجرة فقد اشتركا فيه، فلذا وجه الخطاب لهما معاً.
قوله: { وَلاَ تَقْرَبَا } يقال قربت الأمر أقربه من باب تعب، وفي لغة من باب قتل، قرباناً بالكسر فعلته أو داينته، وحينئذ يكون النهي عن القربان، أبلغ من النهي عن الأكل بالفعل. قوله: (وهي الحنطة) وقيل الكرم، وقيل التين، وقيل البلح، وقيل الأترج، والمشهور ما قاله المفسر. قوله: { مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } أي لأنفسهما.