خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٠٠
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ
١٠١
-التوبة

حاشية الصاوي

قوله: { وَٱلسَّابِقُونَ } مبتدأ، و{ ٱلأَوَّلُونَ } صفته، وقوله: { مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } حال { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم } معطوف على { وَٱلسَّابِقُونَ } والخبر قوله: { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } إلخ. قوله: { وَٱلأَنْصَارِ } أي وهم الأوس والخزرج. قوله: (وهم من شهد بدراً) أي لأنهم أفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين، وعليه تكون (من) للتبعيض. قوله: (أو جميع الصحابة) أي فتكون _من) بيانية، وقيل المراد بهم أهل بيعة الرضوان، وكانوا ألفاً وخمسمائة، وقيل المراد بهم أهل أحد، وقيل كل من دخل الإسلام قبل الفتح لقوله تعالى: { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } [الحديد: 10]. قوله: (إلى يوم القيامة) أي فيشمل صلحاء كل زمان.
قوله: { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } أي قبل أعمالهم، وأثابهم عليها وأعطاهم ما لم يعط أحداً، من خلقه. قوله: { وَرَضُواْ عَنْهُ } أي قبلوا ما أعطاهم الله لما في الحديث:
"ما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون: وأي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط بعده أبداً" . قوله: (وفي قراءة بزيادة من) أي وهي سبعية لابن كثير، ومعلوم أنه يقرأ بالصلة، فمن قرأ بقراءته وصل اتبعوهم وعنهم ولهم بأن يشبع ضمة الميم في الجميع. قوله: { ذٰلِكَ } أي ما تقدم من الرضا والجنان. قوله: { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي الظفر بالمقصود الذي لا يضاهى.
قوله: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ } خبر مقدم، و{ مُنَٰفِقُونَ } مبتدأ مؤخر، و{ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } بيان لمن { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } خبر مقدم، والمبتدأ محذوف تقديره (ومنافقون أيضاً) وجملة { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } صفة لذلك المحذوف، فيكون من عطف الجمل، أو خبر بعد خبر، توسط بينهما المبتدأ، ويكون من عطف المفردات. قوله: (كأسلم) إلخ، أي بعض هذه القبائل، فلا ينافي ما تقدم من مدحهم في قوله:
{ { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن } [التوبة:99] { { وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ } [التوبة: 99]. قوله: { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } أي تمرنوا عليه، ولم يتوبوا منه. قوله: { لاَ تَعْلَمُهُمْ } إن قلت: كيف نفى علمه بحال المنافقين هنا، وثبته في قوله: (ولتعرفنهم في لحن القول) فالجواب: أن آية النفي نزلت قبل آية الإثبات. قوله: (بالفضيحة أو القتل) أشار بذلك إلى أنه اختلف في المرة الأولى، ولكن القول الأول هو الصحيح، لأن أحكام الإسلام في الظاهر جارية على المنافقين، فلم يقتلوا، ولو يؤسروا، والفضيحة بإخراجهم من المسجد، لما في الحديث "عن ابن مسعود، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن منكم منافقين، فمن سميته فليقم، ثم قال: قم يا فلان فإنك منافق، حتى سمى ستة وثلاثين" . قوله: (وعذاب القبر) هذه هي المرة الثانية، وستأتي الثالثة في قوله: { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } فقد صار عذاب المنافقين ثلاث مرات.