خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
-الفاتحة

حقائق التفسير

قال ابن عطاء: معناه الشكر لله إذا كان منه الامتنان على تعليمنا إياه حتى حمدناه.
وقيل معنى الحمد لله أى: لا حمدًا لله إلا الله. وقيل الحمد لله أى: أنت المحمود لجميع صفاتك وأحوالك.
قال الواسطى: الناس في الحمد على ثلاث درجات، قالت العامة: الحمد لله على العادة، وقالت الخاصة الحمد لله شكرًا على اللذة وقالت الآية: الحمد لله الذى لم ينزلنا منزلة استقطعنا النعمة عن شواهد ما أشهدنا الحق من حقه.
وذُكر عن جعفر الصادق فى قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } فقال: مَن حمده بجميع صفاته كما وصف نفسه فقد حمده، لأن الحمد حاء وميم ودال فالحاء من الوحدانية والميم من الملك والدال من الديمومة فمن عرفه بالوحدانية والملك والديمومة فقد عرفه.
وقال رجل بين يدى الجنيدرحمه الله : الحمد لله فقال لأتمها كما قال الله تعالى قل { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فقال الرجل ومن العالمين حتى يذكر مع الحق فقال قله يا أخى فإن المحدث إذا قرن بالقديم لا يبقى له أثر.
وذكر عن عطاء أو غيره أنه قال: الحمد لله إقرار المؤمنين بوحدانيته وإقرار الموحدين بفردانيته وإقرار العارفين باستحقاق ربوبيته، فالأول إقرار بالإلهية والثانى إقرار بالربوبية والثالث إقرار بالتعظيم.
وقيل الحمد: هو الثناء لله فثناء المؤمنين فى قراءة فاتحة الكتاب وثناء المريدين بالذكر في الخلوات وثناء العارفين في الشوق إليه والأنس به.
وقال الحسين: ما من نعمة إلا والحمد أفضل منها، والحمد النبى صلى الله عليه وسلم والمحمود الله والحامد العبد والحميد حاله التى توصل بالمريد.
وقيل أيضًا: الحمد لله رب العالمين عن العالمين قبل العالمين لعلمه بعجز العالمين عن أداء حمد رب العالمين.
وقيل هذا رحمة للعالمين بإضافته إياهم إليه أنه ربهم.
وقيل في الحمد لله رب العالمين: إن الحمد يكون على السراء والضراء والشكر لا يكون إلا على النعماء.
وقيل: الحمد لله يكون لاستغراق الحامد فى النعمة والشكر لاستزاده.
وقيل فى قوله: الحمد لله رب العالمين أى منطق العالمين لحمده.
وذكر عن ابن عطاء فى قوله الحمد لله رب العالمين أى: مربى أفضل العارفين بنور اليقين والتوفيق وقلوب المؤمنين بالصبر والإخلاص وقلوب المريدين بالصدق والوفاء وقلوب العارفين بالفكرة والعبرة.
وقيل: رب العالمين أى هو الذى برأ العالمين بين رحمته الرحمن الرحيم حتى يؤهلهم لتمجيده بقولهم: الحمد لله رب العالمين، أى سبق الحمد منى لنفسى قبل أن يحمدنى أحد من العالمين، وحمدى نفسى لنفسى فى الأزل لم يكن لعلة، وحمد الخلق إياى مشوب بالعلل، وقيل رب العالمين أى: ملهم العالمين بحمده وحده.
وقيل: لما علم عجز عباده عن حمده حمد نفسه بنفسه فى الأزل فاستراح طوق عباده هو محل العجز عن حمده وأنَّى ينازع الحدث القدم، ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله
" "لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"
". وأنشد:

إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نُثنى وفوق الذى نُثنى

وحمد نفسه بالأزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم عن القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم؛ لتكون النعمة أهنأ لديهم، حيث أسقط عنهم به ثقل رؤية المنة.
وسُئل جعفر بن محمد عن قوله: الحمد لله رب العالمين قال: معناه الشكر لله فهو المنعم بجميع نعمائه على خلقه وحسن صنيعته وجميل بلائه، فالألف الحمد من الآية وهو الواحد فبالآية أهل معرفته من سخطه وسوء قضائه، واللام من لطفه وهو الواحد فبلطفه إذا فهم حلاوة عطفه وسقاهم كأس سره والحاء فمن حمده وهو السابق يحمد نفسه قبل خلقه، فبسابق حمده استقرت النعم على خلقه وقدروا على حمده، والميم فمن مجده فبجلال مجده زينهم بنور قدسه، والدال فمن دينه الإسلام فهو السلام ودينه الإسلام وداره السلام وتحيتهم فيها سلام لأهل السلام فى دار السلام.