خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ
٢٨
-الرعد

حقائق التفسير

قيل فى هذه الآية: القلوب على أربعة أنحاء: قلوب العامة، اطمأنت بذكر الله وتسبيحه وحمده والثناء عليه لرؤية النعمة والعافية، وقلوب الخاصة، اطمأنت بذكر الله وتسبيحه وذلك فى أخلاقهم، وتوكلهم، وشكرهم، وصبرهم فسكنوا إليه، وقلوب العلماء، اطمأنت بالصفات والأسامى والنعوت، فهم يلاحظون ما يظهر بها ومنها على الدهور، وأما الموحدون كالغرقى لا تطمئن قلوبهم بحال وكيف يطمئن بذكر من جهلوه، أم كيف يطمئن بذكر من لم يؤمنهم بل خوفهم وحذرهم.
قال إبراهيم الخواص: تفرَّق الناس فى الحالتين، فمن دامت حركته وسعيه، كان موصوفًا بنفسه لغلبات شواهد نفسه عليه، لقوله:
{ { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } [الإسراء: 11].
ومن دام سكونه كان موصوفًا بالحق لغلبات شواهد الحق فى سكينته لقوله: { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } [الآية: 28].
قال الحسين: من ذكره الحق بخير فى أزله، اطمئن إليه فى أبده.
قال النهرجورى: قلوب الأولياء مواضع المطامع فهى لا تتحرك، ولا تنزعج بل تطمئن خوفًا من أن يرد عليه مفاجأة مطالعه، فيجده مترسمًا بسوء الأدب.
قال الواسطى: هم فيها على أربعة ضروب، فالأول للعامة، لأنها إذا ذكرته ودعته اطمأنت إلى ذكرها، فحظها منه الإجابة للدعوات، والثانية أطاعته وصدقته ورضيت عنه فهم مربوطون فى أماكن الزيادات قد اطمأنت قلوبهم إلى ذلك فكانوا ممزوجى الملاحظة بشواهدهم، ومفسدى الطبائع برؤية طاعاتهم، والثالثة أهل الخصوص الذين عرفوا الأسماء والصفات، وعرفوا ما خاطبهم الله تعالى به فاطمأنت قلوبهم بذكره لها، لا بذكرهم له وبرضاه عنها، لا برضاهم عنه.
والرابعة: خصوص الخصوص وهم الذين كشف لهم عن ذاته وعلمهم علم صفاته فأدرج لهم الصفات فى الذات وأراهم إنه إنما تعرف إلى الحق بإقرارهم وعلمهم أخطارهم فعلموا أن سرائرهم لا تقدر أن تسكن إليه، ولا يطمئن به. ومن كانت الأشياء فى سره كذلك، إذا ما يسكن ويطمئن فلا تجد قلبه، الطمأنينة لقدر المطمئن إليه كلما عادت الزيادة عليه رآها حجابًا لا يستقطع بالبر والنعم لأنها حجاب مستور وهباء ونثور، فإن عزمت على الدخول فى هذا المقام فاحتسب نفسك وأعظم الله أجرك.