خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ
٢٤
-إبراهيم

حقائق التفسير

قوله عز وجل: { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } [الآية: 24].
قال ابن عطاء: الكلمة الطيبة: لا إله إلا الله على التحقيق، والشجرة الطيبة هى تظهر أسرار الموحدين عن دنس الأطماع بالثقة بالله والانقطاع إليه عما سواه.
قال محمد بن على: الشجرة الطيبة الإيمان أثبتها الله فى قلوب أودَّائه وجعل أرضها التوفيق وأوراقها الولاية وسماءها العناية وماءها الرعاية وأغصانها الكفاية، وأوراقها الولاية وثمارها الوصلة وظلها الأنس، فأغصانها ثابتة فى قلب الولى وفروعها ثابتة فى السماء بالمزيد من عند الجبار، فالأصل يرعى الفرع بدوام الإشفاق والمراقبة، والفرع يهدى إلى الأصل ما يجتنيه من محل المشاهدة والقرب هكذا أبدا قلب المؤمن وفؤاده.
سمعت محمد بن عبد الله الدمشقى يقول: سمعت ابن المولد يقول: قال أبو سعيد الخراز: خزائن الله تعالى فى السماء الغيوب وخزائنه فى الأرض القلوب لأن الله تعالى خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم أرسل ريحًا فهبت فيه نُكْتَةٌ من الكفر والشرك والنفاق والغش ثم أنشأ سحابة فأمطرت فيه ثم أنبت فيه شجرة فأثمرت الرضا والمحبة والشكر والصفوة والإخلاص والطاعة وهو قوله: { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ }.
وقال بعضهم: كل شجرة فى الدنيا إذا لم يكن لها حظ من الماء تجف، والشجرة التى فى قلبك تجف إذا لم تسقها بماء التوبة وبماء الندامة ثم بماء الحسرة، ثم بماء الشوق، ثم يأتى سحاب المنَّة فتمطر على قلبك مطر الرحمة حتى يكون ماء الخدمة من تحت وماء الرحمة من فوق فيكون طريًا شهيًا ثم يأتيه ثلاثة أشياء طريق العبودية فى النفس، وطريق الصحابة فى القلب، وطريق الذكر فى السر، فخدمة النفس الطاعة، وخدم القلب النية، وخدمة السر المراقبة على الدوام ثم يمطر عليه أمطارًا على النفس مطر الهداية، وعلى اللسان مطر اللطافة، وعلى القلب مطر العظمة، وعلى السرّ مطر المنّة وعلى الروح مطر الكرامة، فينبت من مطر اللسان الشكر والثناء ومن مطر النفس الطاعة والوفاء، ومن مطر القلب الصدق والصفاء، ومن مطر السر الشوق والحياء، ومن مطر الروح الرؤية واللقاء.