خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
٧٥
-الحجر

حقائق التفسير

روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله" . ثم قرأ: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ }.
قال الواسطى: السرائر بحظوها مصروفة عن أوقاتها صدقها فى تحركها أظهر عليها صدقها فى تعبرها يظهر من السرائر أبرأ. فهو ما يوفقك عليهما عفوًا فيشرف المتفرس عليها فى أوقاتها بتعرفها.
قال الله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } قال هم: المتصفحون المتفرسون.
قال بعضهم: المتفرس على ثلاثة أوجه بالنظر والسمع، والعقل، وأجلُّ من هذا حال الكشف لمن أوتيه، وتكون فراسته غائبًا، وحاضرًا صحيحة.
قال بعضهم: (المتوسمون) هم المتفرسون فإذا أردت أن تعرف بواطنهم فى الحقيقة فانظر إلى تصاريف أخلاقهم ومواقيت أشجانهم.
قال محمد بن خفيف: الفراسة وقومه على ثلاثة أوجه:
المكنون من الآفات المستكن فى النفوس فى الأحوال المستخفة عن حمل عوام الخلق، وذلك مخصوص به الرسل كما كان للنبى صلى الله عليه وسلم فى عبد بن زمعة حين قال:
"إن أمرها ليبن لولا حكم الله تعالى" .
والثانى: تجلى ما استودع الحق فى النفوس فى الأحكام الخفية علمها على الخلق المنفرد به الحق ويكشف ذلك لأهل التخصيص من الصديقين والأولياء بعد الأنبياء صلوات الله عليهم. كما قال أبو بكر الصديق: رضى الله عنه إنما هما أخواك وأختاك.
والثالث: ذكر اطلاع القلوب عندما انكشف له من الغيب البعيد ما فيه، وهذا مقرون بالإلهام. كما قال عمر رضى الله عنه "يا سارية الجبل".
وقال: إنما حذر النبى صلى الله عليه وسلم بقوله "اتقوا فراسة المؤمن طائفة هم قائمون بأحكام نفوسهم أن يتقوا طائفة هم خارجون عن أحكام نفوسهم بما كساهم الله تعالى من نوره فصاروا بذلك ناظرين مشرقين على أهل الظلمة لأن الظلمة لا يصادف بها الظلمة.
قال بعضهم: صفة المتفرس من صَفَّى الحقُّ روحَه بطهارة قدسه وذكى قلبه بأنوار هدايته فتقسم روحه بخفى ما استودع الحق خفيات الوجود فذلك النور والحكم يُسمى فراسة.
قال بعضهم: الفراسة إدراك الشىء على حقيقته لا يزول ولا يغير لأن الناظر إذا نظر بالحق أخبر عن حقيقة.
سئل الحسين عن الفراسة: فقال: حق نظر برياه فخبر عن حقيقة ما هو إياه بإياه.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت الخلدى يقول: سمعت أبا حفص الحداد يقول: الفراسة هى أول خاطر بلا معارض فإن عارض معارض من جنسه فهو خاطر، وحديث نفسى.
قال أبو حفص: ليس لأحد أن يرعى لنفسه الفراسة، ولكن يجب أن تتقى من فراسة الغير فيه لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"اتقوا فراسة المؤمن" ، ولم يتفرسوا فى المؤمنين.
وسئل أبو عثمان عن الفراسة. فقال: آيات الربانية تظهر فى أسرار العارفين، فتنطق ألسنتهم بذلك، فيصادف الحق.