خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ
١٢
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
١٣
ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ
١٤
-المؤمنون

حقائق التفسير

قوله عزَّ وعلا: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [الآية: 12].
قال الواسطى رحمة الله عليه: ابتدأ الله فى سبب الخلق أنه أوجد نطفة ثم أنشأها إنشاءً ثم نقلهم من طبق إلى طبق، وجعلهم مضغًا بعد العلق ثم بعد المضغة عظمًا، ثم كسى العظم لحمًا، ثم أنشأه خلقًا آخر، فشقق فيه الشقوق، وخرق فيه الخروق، وأمزج فيها العصب، ومدَّ فيها القصب وجعل العروق السايرة كالأنهار الجارية بين القطع المتجاورة، ثم أخبر عن فعله فقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ... } الآية.
وقال الحسين: الخلق متفاوتون فى منازل خلقهم وصفاتهم، وقد كرم الله بنى آدم بصورة الملك، وروح النور، ونور المعرفة والعلم وفضلهم على كثير ممن خلقهم تفضيلاً.
وقال أيضًا: خلق بنى آدم من الماء والتراب بين الظلمة والنور، فعدل خلقهم، وزاد المؤمنين بإيمانهم نورًا مبينًا، وهدىً وعلمًا، وفضلهم على سائر العالمين، كما نقلهم فى بدء خلقهم من حالٍ إلى حال، وأظهر فيهم الفطرة والآيات، وتكامل فيهم الصنع والحكمة والبينات وتظاهر عليهم الروح والنور والسبحات منذ كانوا ترابًا ونطفة وعلقة، ومضغة، ثم جعلهم خلقًا سويًا إلى أن كملت فيهم المعرفة الأصلية.
قوله عز وعلا: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ.. إلى قوله .. فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [الآية: 12-14].
وقال الحسين: خلق الخلق على أربع أصول فاعتدلها على أربع أصول: الربع الأعلى: إلهية، والربع الآخر: آثار الربوبية، والربع الآخر: النورية بين فيه التدبير والمشيئة، والعلم والمعرفة، والفهم والفطنة، والفراسة والإدراك، والتمييز ولغات الكلام والربع الاخر: الحركة والسكون كذلك خلقه فسَوَّاه.
قوله تعالى: { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ }.
قال الحسين: فطر الأشياء بقدرته، ودبرها بلطف صنعه فأبدأ آدم كما شاء لما شاء، وأخرج منه ذرية على النعت الذي وصف من مضغة وعلقة، وبدائع خلقه، وأوجب لنفسه عند خلقته اسمه الخالق، وعند صنعة الصانع، ولم يحدثوا له اسمًا كان موصوفًا بالقدرة على إبداع الخلق فلما أبدأها أظهر اسمه الخالق للخلق، وأبرزها لهم، وكان هذا الاسم مكتوبًا لديه، مدعوًا به فى أزله اسمى بذلك نفسه، ودعا نفسه به فالخلق جميعًا عن إدراك وصفه عاجزون، وكل ما وصف الله به نفسه فهو له وأعز وأجل وأظهر للخلق من نعوته ما يطيقونه، ويليق بهم فتبارك الله أحسن الخالقين.