خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٦٩
-العنكبوت

حقائق التفسير

قال ابن عطاء رحمة الله عليه: جاهدوا فى رضانا لنهدينهم الوصول إلى محل الرضوان.
قال بعضهم: الذين اتبعوا مخالفة أنفسهم فى حرمتنا لنكرمنهم بحلاوة الخدمة وأنسها.
قال أبو عثمان: الطريق إلى الله واضح والوصول إليه بالمجاهدة والمجاهرة بنظام النفس عن الشهوات ونزوع القلب عن الأمانى والشبهات وخلو السر عن النظر إلى الخلق والرجوع إلى رب السماوات حينئذٍ تصح لك المجاهدة.
قال بعضهم: المجاهدة هى إقامة الطاعات على رؤية المنن لا غير.
وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال: والذين جاهدوا فى التوبة لنهدينهم سبل الإخلاص.
وقال ابن عطاء رحمة الله عليه: المجاهدة هى صدق الافتقار إلى الله بالانقطاع عن كل ما سواه.
قال النهرجورى: والذين جاهدوا فى خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا والأنس بنا والمشاهدة لنا ومن لم يكن أوائل أحواله المجاهدة كانت أيامه وأوقاته موصولة بالتوانى والأمانى ويكون حظه البعد من حيث تأمل القرب.
وقال عبد الله بن المبارك: المجاهدة علم آداب الخدمة لا المداومة عليها وأدب الخدمة أعز من الخدمة.
قال بعضهم: الجهد فى غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلوب وجملة ذلك هو الخروج من عادات البشرية.
وقيل فى قوله: { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [الآية: 69].
قال القيم: كل مجاهدة فى الله كانت قبل الإيمان فهى حقيقة وكل مجاهدة بعد الإيمان بالله فهى باطلة.
قوله تعالى: { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أى: بينَّا لهم أنه ليس بالإيمان والمجاهدات يتقرب إلى الله به بطلب سبيل المجاهدة. وقوله: { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } أنه من الله كله لا من العبد لأن المجاهدة هو الذى أجرى عليهم قبله سئل السيارى المجاهدة من العبد إلى الله أو من الله إلى العبد؟ قال: ما من شىء إلا والله موجده قال الله:
{ { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } } [الصافات: 96] أى أوجدكم وأوجد أعمالكم بلا شريك ولا عون فالخلق قائمون بالحق.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: سر مجرد مسائله مع الحق بإسقاط الكل عنه.
قال محمد بن خفيف: كلٌ محتمل لثقل العبودية فى اختلاف ما وضع الله من فرض وفضل فهو داخل فى أحوال المجاهدة.
وقال أيضًا: اللبيب من العقلاء من يعمل فى تصفية قلبه من كل همه وانفراده بإصلاح ما هو أولى به فى الحال بدوام المجاهدة واستعمال الرياضة وشدة الحراسة ومفارقة ما كانت النفوس عليها عاكفة لحقيقة المجاهدة لأن الله يقول: { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: المجاهدة على قدر الطاقة والعناية على قدر الكفاية.
قال جعفر: صدق الافتقار هو انفصال العبد من نفسه واتصاله بربه والمجاهدة تبرى العبد من جميع ما اتصل به والمجاهدة بدل الروح على رضا الحق.
وقال أيضًا: من جاهد بنفسه لنفسه وصل إلى كرامة ربه. ومن جاهد بنفسه لربه وصل إلى ربه.
قال ذو النون رحمة الله عليه: من اجتهد فى الله لله من غير أن يلتفت عند الاجتهاد إلى غير الله وجد الطريق من الله الى الله فإن مع الاجتهاد النصرة والتعبد.
قال عبد العزيز المكى: اجتهدوا فى سبل الظاهر فهداهم الى سبل الباطن وأنا أتعجب ممن يعجز عن ظاهره وهو يطمع فى باطنه.
قال القيم: المجاهدة المكابدة فى العبادة.
سمعت النصرآباذى يقول: سمعت أبا أسحاق ابن عائشة يقول: قال أبو سعيد القرشى: خرجت هداية المريد من المراد قال الله تعالى:
{ { يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [البقرة: 142].
قال أبو بكر بن طاهر: لنهدينهم السبيل إلينا. قال بعضهم تقربوا إلى الله بإقبال القلوب عليه.
سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز قال أبو العباس ابن عطاء رحمة الله عليه: صدق المجاهدة الانقطاع إلى الله عن كل ما سواه.
وقيل فى قوله: { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا } فى طلبنا تحريًا لرضانا { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } سبل الوصول إلينا.