خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
٣
-هود

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ }.
استغفروا ربَّكم أولاً ثم توبوا إليه بعده.
والاستغفار طلب المغفرة، يعني قبل أن تتوبوا اطلبوا منه المغفرة بحسن النَّظرة، وحَمْل الرجاء والثقة بأنه لا يُخَلِّد العاصِيَ في النار، فلا محالةَ يُخْرِجُه منها... فابْتَدِئوا باستغفاركمْ، ثم توبوا بِتَرْكِ أوزاركم، والتَنَقِّي عن إصراركم.
ويقال استغفروا في الحال مما سلف، ثم إنْ ألْمَمْتُم بزِلَّةٍ أخرى فتوبوا.
ويقال استغفروا في الحال ثم لا تعودوا إلى ارتكاب الزلة فاستديموا التوبة - إلى مآلِكم - مما أسلفتم من قبيح أعمالكم.
ويقال: { ٱسْتَغْفِرُواْ }: الاستغفار هو التوبة، والتنقي من جميع الذنوب، ثم "توبوا" منْ تَوَهُّم أنكم تُجابُون بتوبتكم، بل اعلموا أنه يُجِيبكم بِكَرَمِه لا بأعمالكم.
ويقال "الاستغفار": طَلبُ حظوظكم مِنْ عَفوِنا.. فإذا فعلْتُم هذا فتوبوا عن طلب كل حظ ونصيب، وارجعوا إلينا، واكتفوا بنا، راضين بما تحوزونه من التجاوز عنكم أو غير ذلك مما يخرجكم به.
قوله جلّ ذكره: { إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى }.
أي نُعَيِِّشكم عيشاً طيباً حسناً مباركاً.
ويقال هو إعطاء الكفاية مع زوال الحرص.
ويقال هو القناعة بالموجود.
ويقال هو ألا يخرجَه إلى مخلوق، ولا يجعل لأحد عليه مِنَّةً لا سيما للئيم.
ويقال هو أن يوفقه لاصطناع المعروف إلى المستحقين.
ويقال هو أن تُقْضَى على يديه حوائج الناس.
ويقال هو ألا يُلِمَّ في حال شبابه بِزَلَّةٍ، وألا يتصفَ بأنه عن الله في غفلة.
ويقال هو أن يكون راضياً بما يجري عليه من نَوْعَي العسر واليسر.
قوله جلّ ذكره: { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }.
مَنْ زادتْ حسناتُه على سيئاتِه أعطاه جزاءَ ما فَضَلَ له من الطاعات، ومن زادت سيئاته على حسناته كافأه بما يستوجبه من زيادة السيئات... هذا بيان التفسير.
ويقال مَنْ فَضَّلَه بحسن توفيقه أوصله إلى ما يستوجبه من لطفه ويزيده..
ويقال هو أن يستر عليه فضلَه حتى لا يلاحظ حالَه ومقامه، بل ينظر إلى نفسه، وما منه ومَا لَه... بِعَيْن الاستحقار والاستصغار.
ويقال هو أن يرقيه عن التعريج في أوطان البشرية إلى طاعات شهود الأحدية، ويُنقيِّه عن (.....) البشرية، والتكدر بما يبدو من مفاجآت التقدير.
ويقال هو ألا يُوحِشَه شيء بما يجري في الوقت.
ويقال هو أن يُحَقِّقَ له ما تسمو إليه هِمَّتُه، ويُبَلِّغَه فوق ما يستوجبه محلَّه.