خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ
١٢
-الرعد

لطائف الإشارات

كما يريهم البرقَ - في الظاهر - فيكونون بين خوفٍ وطمعٍ؛ خوفٍ من إحباس المطر وطمع في مجيئه. أو خوفٍ للمسافر من ضرر مجيء المطر، وطمعٍ للمقيم في نفعه.. كذلك يُرِيهم البرقَ في أسرارهم بما يبدو فيها من اللوائح ثم اللوامع ثم كالبرق في الصفاء، وهذه أنوار المحاضرة ثم أنوار المكاشفة.
{ خَوْفاً }: من أن ينقطع ولا يبقى، { وَطَمَعاً }: في أن يدومَ فيه نقلُ صاحبِه من المحاضرة إلى المكاشفة، ثم من المكاشفة إلى المشاهدة، ثم إلى الوجود ثم دوام الوجود ثم إلى كمال الخمود.
ويقال: { يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ }: من حيث البرهان، ثم يزيد فيصير كأقمار البيان، ثم يصير إلى نهار العرفان. فإذا طلعت شموسُ التوحيدِ فلا خفاءَ بعدها ولا استتار ولا غروب لتلك الشموس،كما قيل:

هي الشمسُ إلا أَنَّ للشمس غيبةً وهذا الذي نَعْنيه ليس يغيب

ويقال تبدو لهم أنوار الوصال فيخافون أن تجنَّ عليهم ليالي الفرقة، فَقَلَّمَا تخلو فرحةُ الوصال من أن تعقبها موجة الفراق، كما قيل:

أي يومٍ سررتني بوصالٍ لم تَدَعْني ثلاثةً بصدود؟!

قوله جلّ ذكره: { وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }.
إذا انتاب السحابةَ في السماء ظلامٌ في وقتٍ فإنه يعقبه بعد ذلك ضحكُ الرياض، فَمَا لَمْ تَبْكِ السماءُ لا يضحكُ الروضُ، كما قيل:

ومأتمٌ فيه السماءُ تبكي والأرضُ من تحتها عَرُوسُ

كذلك تنشأ في القلب سحابة الطلب، فيحصل للقلب ترددُ الخاطر، ثم يلوح وجهُ الحقيقة، فتضحكُ الروح لفنونِ راحاتِ الأُنْس وصنوفِ ازهارِ القُرْب.