خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ
١٥٢
-البقرة

لطائف الإشارات

الذكر استغراق الذاكر في شهود المذكور، ثم استهلاكه في وجود المذكور، حتى لا يبقى منك أثر يذكر، فيقال قد كان مرةً فلان.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } أي كونوا مستهلكين في وجودنا، نذكركم بعد فنائكم عنكم، قال الله تعالى:
{ { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } [الذاريات: 16] كانوا وقتاً ولكنهم بانوا دائماً:

أناس حديث حسن فكن حديثاً حسناً لمن وعنى

وطريقة أهل العبارة { فَٱذْكُرُونِيۤ } بالموافقات { أَذْكُرْكُمْ } بالكرامات، وطريقة أهل الإشارة { فَٱذْكُرُونِيۤ } بِتَرْكِ كل حظ { أَذْكُرْكُمْ } بأن أقيمكم بحقي بعد فنائكم عنكم.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } مكتفين بي عن عطائي وأفضالي { أَذْكُرْكُمْ } راضياً بكم دون أفعالكم.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بذكري لكم ما تذكرون، ولولا سابِقُ ذكري لما كان لاحِقُ ذكركم.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بقطع العلائق { أَذْكُرْكُمْ } بنعوت الحقائق.
ويقال اذكرني لكل مَنْ لَقِيتَه أذكرك لمن خاطَبتُه،
"فمن ذكرني في مَلأٍ ذكرته في ملأ خيرٍ منهم" .
ويقال { وَٱشْكُرُواْ لِي } على عظيم المِنَّةِ عليكم بأن قُلْتُ: { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ }.
ويقال الشكر من قبيل الذكر، وقوله: { وَلاَ تَكْفُرُونِ } النهي عن الكفران أمرٌ بالشكر، والشكر ذكر، فكرر عليك الأمر بالذكر، والثلاث أول حدِّ الكثرة، والأمر بالذكر الكثير أمر بالمحبة لأنَّ في الخبر: "من أحب شيئاً أكثر ذكره" فهذا - في الحقيقة - أمرٌ بالمحبة أي أحْبِبْني أحبك؛ { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } أي أحبوني أحببكم.
ويقال: { فَٱذْكُرُونِيۤ } بالتذلل { أَذْكُرْكُمْ } بالتفضُّل.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بالانكسار { أَذْكُرْكُمْ } بالمبار.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } باللسان { أَذْكُرْكُمْ } بالجِنان.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بقلوبكم { أَذْكُرْكُمْ } بتحقيق مطلوبكم.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } على الباب من حيث الخدمة { أَذْكُرْكُمْ } بالإيجاب على بساط القربة بإكمال النعمة.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بتصفية السِّر { أَذْكُرْكُمْ } بتوفية البِّر.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بالجهد والعناء { أَذْكُرْكُمْ } بالجود والعطاء.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بوصف السلامة { أَذْكُرْكُمْ } يومَ القيامة يومَ لا تنفع الندامة.
{ فَٱذْكُرُونِيۤ } بالرهبة { أَذْكُرْكُمْ } بتحقيق الرغبة.