خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
٢٧٣
-البقرة

لطائف الإشارات

أخذ عليهم سلطانُ الحقيقة كلَّ طريق، فلا لهم في الشرق مذهب، ولا لهم في الغرب مضرب. كيفما نظروا رأوا سرادقات التوحيد محدقة بهم:

كأنَّ فجاجَ الأرض ضاقَتْ بِرَحْبِها عليهم فما تزداد طولاً ولا عرضا

ولا يسلم لهم نفس مع الخلق، وأنَّى بذلك ولا خَلْق!! وإذا لم يكن فإثبات ما ليس شِرْكٌ (.....) في التوحيد.
والفقير الصادق واقف مع الله بالله، لا إشراف للأجانب عليه، ولا سبيل لمخلوق إليه تنظره عين الأغيار في لبسة سوى ما هو به؛ قال تعالى: { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } فأما من كان ذا بصيرة فلا إشكال عليه في شيء من أحوالهم. تعرفهم يا محمد - أنت - بسيماهم، فليست تلك السيماء مما يلوح للبصر ولكنها سيماء تدركها البصيرة. لا إشراف عليهم إلا بنور الأحدية.
ويقال: { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ }: استبشار قلوبهم عند انكسار نفوسهم، وصياح أسرارهم إلى العرش (نشاطاً عنه) عند ذبول ظاهرهم عن الانتعاش.
ويقال تكسر الظاهر عند تكسر الباطن وبالعكس من هذه لا يسألون الناس إلحافاً، فإن جرى منهم من الخلق بدون الإلحاف سؤال - لما يشير إليه دليل الخطاب - فذلك صيانة لهم ولسر قصتهم، لئلا يلاحظهم الخلْق بعين السؤال، وليس على سرّهم ذرة من الإثبات للأغيار.
ويقال: { أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: وقفوا على حكم الله، وأحْصَرُوا نفوسَهم على طاعته وقلوبَهم على معرفته، وأرواحَهم على محبته، وأسرارَهم على رؤيته.