خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً
٢٣
-الفرقان

لطائف الإشارات

هذه آفة الكفار؛ ضاع سعيُهم وخاب جُهْدُهم، وضاع عمرُهم وخَسِرَتْ صفقتُهم وانقطع رجاؤهم { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } [الزمر: 47]، { يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } [الكهف: 104].
وأما أصحاب الحقائق وأرباب التوحيد فيلوح لقلوبهم من سماع هذه الآية ما يحصل به كمال رَوْحِهم، وتتأدَّى إلى قلوبِهم من الراحات ما يضيق عن وصفه شرحهُم، ويتقاصر عن ثنائه نُطْقُهم، حيث يسمعون قوله: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } ولقد ظهرت قيمة أعمالهم حيث قال الحقُّ لأجله { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ... } فَهُم إذا سمعوا ذلك وَجَبَ لهم من الأريحية ما يشغلهم عن الاهتمام لقوله: { فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } ويقولون: يا ليت لنا أعمال أهل الدارين ثم لا تُقْبَلُ منها ذرةٌ وهو يقول بسببها: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ... }! لأنهم إذا تخلصوا من مواضع الخلل وموجبات الخجل من أعمالهم عدُّواً ذلك من أجلِّ ما ينالون من الإحسان إليهم، وفي معناه أنشدوا:

سأرجع من حجِّ عامِيَ مُخْجِلاً لأنَّ الذي قد كان لا يُتَقَبَّلُ