خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ
٢٠
-النمل

لطائف الإشارات

تَطَلّبَه فَلَمَّا لم يَرَه تَعَرَّف ما سبب تأخره وغيبته.
ودلَّ ذلك على تيقظ سليمان في مملكته، وحسن قيامه وتكفله بأمور أمته ورعيته، حيث لم تَخْفَ عليه غيبةُ طيرٍ هو من أصغر الطيور لم يحضر ساعةً واحدةً. وهذا أحسن ما قيل.
ثم تَهَدَّدَه إن لم يكن له عُذْرٌ بعذاب شديدٍ، وذلك يدلُّ على كمال سياسته وعَدْلِه في مملكته.
وقال قومٌ إنما عَرَفَ أن الهدهد يعرف أعماقَ الماء بإلهام خُصَّ به، وأنَّ سليمان كان قد نزل منزلاً ليس به ماء، فطلبَ الهدهد ليهديَهم إلى مواضع الماء، وهذا ممكن؛ لأن في الهدهد كَثْرَةً. وغيبةُ واحدةٍ منها لا يحصل منها خَلَلٌ - اللهم إلاّ إِنْ كان ذلك الواحد مخصوصاً بمعرفة مواضع وأعماق الماء... والله أعلم.
وروي أن ابن عباس سُئِلَ عن ذلك، وأنه قيل له: إنْ كان الهدهدُ يرى الماءَ تحت الترابِ ويعرفه فكيف لا يرى الفَخَّ مخفيّاً تحت التراب؟
فقال: إذا جاء القضاء عَمِيَ البصر.
ويقال: إن الطير كانت تقف فوق رأس سليمان مُصْطَفّةً، وكانت تستر انبساط الشمس وشعاعها بأجنحتها، فوقع شعاعُ الشمسِ على الأرض، فنظر سليمانُ فرأى موضع الهدهد خالياً منه، فَعَرَفَ بذلك غَيْبَته.. وهذا أيضاً ممكن، ويدل على كمال تَفَقُّدِه، وكمال تَيَقُّظِه - كما ذكرنا.