خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٤٤
وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ
٤٥
-القصص

لطائف الإشارات

لم تكن حاضراً فتعرف ذلك مشاهدةً، ولكنهم رأوا أنَّ إخبارَك عنهم بحيث لا يكذبك كتابُهم، وبالضرورة عرفوا حالَكَ، وكيف أنّك لم تَعْلَمْ هذا من أحدٍ، ولا قَرَأْتَه من كتاب، لأَنّكَ أُمِّيٌّ لا تُحْسِنُ القراءة، وإذاً فليس إخبارُكَ إلا بتعريفنا إياك، وإطلاعنا لَكَ على ذلك.
ويقال { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ }: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا موسى، وكَلَّمْنَاه، وخاطبناه في بابِكَ وبابِ أُمَّتِكَ، ولم تقدح غَيْبَتُكُم في الحال، وكَوْني لكم خيرٌ من كَوْنِكم لكم.
ويقال: لمَّا خَاطَبَ موسى وكَلَّمَه سأله موسى: إِنِّي أرى في التوراة أُمَّةً صفتهم كذا وكذا.. مَنْ هم؟ وسأل عن أوصاف كثيرة، وعن الجميع كان يُجابُ بأنَّها أمة أحمد، فاشتاق موسى إلى لقائنا، فقال له: إنه ليس اليومَ وقتُ ظهورِهم، فإِنْ شِئْتَ أَسمعتُكَ كلامَهم، فأراد أن يسمعَ كلامنا، فنادانا وقال: يا أمةَ أحمد..، فأجاب الكلُّ من أصلاب آبائهم، فَسمِعَ موسى كلامَهم ولم يُدْرِكْهُم. والغنيُّ إذا سأله فقيرٌ وأجابه لا يرضى بأن يردَّه من غير إحسان إليه. (وفي رواية عن ابن عباس) أن الله قال:
"يا أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، ورحمتكم قبل أن تسترحموني" .
قوله جلّ ذكره: { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }.
ومما كان موسى عليه السلام يتلوه عليهم من الآيات ذِكْرُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم بالجميل. وذكر أمته بحسن الثناء عليهم، فنحن في الوجود مُحْدَثٌ مخلوقٌ وفي ذكره متعلق لا باستفتاح. ولم نكن في العَدَم أعياناً، ولا أشياء، ولكنا كنا في متعلق القدرة ومتناول العلم والمشيئة. وذكرنا في الخطاب الأزليّ، والكلام الصمديّ والقول الأبديّ.