خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ
٣٩
لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٤٠
-يس

لطائف الإشارات

الإشارة منه أن العبد في أَوان لطلب رقيقُ الحال، ضعيفٌ، مختصرُ الفَهْم.. ثم يُفَكِّر حتى تزداد بصيرته.. إنه كالقمر يصير كاملاً، ثم يتناقَصُ، ويدنو من الشمس قليلاً قليلاً، وكُلَّمَا ازداد من الشمس دُنُوَّا ازداد في نفسه نقصاناً حتى يتلاشى ويختفي ولا يُرَى.. ثم يَبْعُدُ عن الشمس فلا يزال يتباعد ويتباعد حتى يعود بدراً - مَنْ الذي يُصَرِّفه في ذلك إلاَّ أَنه تقدير العزيز العليم؟ وشبيهُ الشمسِ عارِفٌ أبداً في ضياء معرفته، صاحبُ تمكينٍ غيرُ مُتَلَوِّنٍ، يشرق من برج سعادته دائماً، لا يأخذه كسوفٌ، ولا يستره سحابٌ.
وشبيهُ القمر عبدٌ تتلون أحوالُه في تنقله؛ فهو في حال من البسط يترقَّى إلى حَدِّ الوصال، ثم يُرَدُّ إلى الفترة، ويقع في القبض مما كان به من صفاء الحال، فيتناقص، ويرجع إلى نقصان أمره إلى أن يرفع قلبه عن وقته، ثم يجود الحقُّ - سبحانه - فيُوَفِّقُه لرجوعه عن فترته، وإفاقته عن سَكْرَتِه، فلا يزال يصفوا حاله إلى أنْ يَقْرُبَ من الوصال، ويرزقَ صفة الكمال، ثم بعد ذلك يأخذ في النقص والزوال.. كذلك حاله إلى أن يُحَقَّ له بالمقسوم ارتحاله، كما قالوا:

ما كنت أشكـــو ما علـــى بَدَنــي من كثـــرة التلــــوين من بُدَّتِــــــه

وأنشدوا:

كُـــــــلَّ يــــــــوم تتلـــــــون غيـــــرُ هــــــــــــذا بِــــــكَ أجمـــــــــل