خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٣٢
-يونس

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } بين سبحانه ان ما يبدوا من نور شهوده هو وصف رؤيته واعلام صفته وكشف ذاته بلا شك ولا شبهة وذلك قوله فذلكم الله ربكم الحق اى هو الحق بلا شبة ولا تشبيه ولا تعطيل ثم بين ان من لم يعرف الاشياء والشواهد بهذه المثابة فهو ضال عن طيرق مشاهدته وطريقه عمياء لا يكون الرشد فيه كان من احتجب بالكون عن المكون فهو يعمه فى موجة القهر ولا يهتدى من كان مرهونا بالاشياء عن خالق الاشياء وهذا معنى قوله { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } ثم بين ان البعد لا يقتضى الا البعد وليس للعبد حل فاين تذهب البعيد فى البعد ولا يجد فى البعد اليه سبيلا قال تعالى { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } اى الى من يرجعون اذا فات وصاله عنكم وليس للحدثان === اين وانهم ان هذه الاية اشارة سابق قوله قل من يرزقكم من السماء والارض اى من يرزق الارواح من الملكوت فداء قربه ووصاله ومن يرزق القلوب من ملكوت الارض صفاء عبوديته امن يملك السمع والابصار من يملك اسماع العارفين بلذيذ جلاله ومن يملك ابصار الصديقين بكشف جماله والنظر الى جلاله ومن يخرج الحى من الميت اى من يخرج الارواح العارفة الاحياء بحيوته ومعرفة ذاته وصفاته من العدم بنور القدم ويخرج الميت من الحى من يخرج الانفاس الفانية فى عظمته الباقية من القلوب الحاضرة فى مشاهد القربة ومن يدبر الامر من يسهل قطع صفات مفاوز النكرات للعارفين ومن يعرف امور العبودية والربوبية قلوب الموحدين ثم بين ان من شاهد هذه المراتب يعترف بها صدقا وعدلا بقوله فسيقولون الله فاذا اعترفوا بذلك وصالوا شاهدين معانى شهوده خوفهم من نفسه الا ان يلتفتوا الى سواه فى طريق بقوله فقل افلا تتقون اى فلا تخافون من فراقه فلذلكم الله ربكم الحق اى هو منعم هذه النعماء يربيكم بهذه الساعادات لا غير فاين تصرفون منه الى غيره فماذا بعد الحق الا الضلال اخص الاشارة فيه اى اذا وقعتهم فى انوار معرفتى بعد كشوف صفاتى وذاتى لا تطلبوا كنه القدم فانه م عادن الملكوت ونكراتها بلا نهاية لان القدم ممتنع عن احاطة القلوب به وعن ادراك الارواح والبصائر حقائقه والكنهية قال الحسين الحق هو المقصود بالعبادات والمصمود اليه بالطاعات لا يشهد بغيره ولا يدرك بسواه وقال الواسطى فذلكم الله وبكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال لا يجوز للموحد ان يشهد بشاهد التوحيد لانه وصف الاشياء بالضلال فلم تبغيا لضال ان تقف ولا تعاجز ان تصف وقال الحسين الحق هو الذى لا يستقبح فبيحا ولا يستحسن حسنا فكيف يعود اليه ما منه بد او يوثر عليه ما هو انشاه قال بعضهم قلوب اهل الحق مع الحق على مراتب فقلب فى قبضة الحق ما سور بكشف الوجد مسرور وقلب طار اليه السّوت وروح برياح بالقدوم بالقدوم عليه وقلب اعتقد فيه الامال فهو عليه ثقل الاعمال وقلب انقطع اليه بالكلية من كل البريةوقلب شديد الاحتراق لشدة الاشتياق وقال بعضهم الحق طريق العلماء والحقيقة طريق الحكماء والتحقيق طريق الاولياء والحقائق طريق الانبياء وقيل فى قوله فانى تصرفون من الحق الى سواه قال الواسطى فى قوله ومن يدبر الامر من يبدئ امره ويعيده ويدبر فى اوقاته السائرة فاذا قال من يدبر الامر زال الاملاك فكيف يجوز لقابل ان تقول فعلى وعملى.