خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
١
أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
٢
وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ
٣
-هود

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { الۤر } الالف اشارة جميع التاويلات التى جرت فى سوابق الازل للالوهية واللام اشارة جميع لوازمات العبودية التى وجبت احكامها فى الازل على اهل العبودية والراء اشارة الى راحات مشاهدة الذات والصفات للارواح واشباح قوله تعالى { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } مخبرات الكتاب من عيون الصفات واللذات نزهت عن تغائر الحدثان لان اصلها صفة القدم وليس فى القدم تبديل وتغيير { ثُمَّ فُصِّلَتْ } اى بينت للارواح العارفة والقلوب الشائقة مصارفها وحقائقها وتلك الايات معرفة الصفات واللذات كاهل المشاهدات والمكاشفات تعرف لهم احكام الربوبية والعبودية لتشهدوا بانوارها شهود انوار الحق ويعلموا ما يجرى من احكام الغيب القدرى على الخلق قوله تعالى { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } هو من كلام ازلى حكيم اذ حكم باصطفائية عرفانه بمعرفته خبير باستعدادهم وقبولهم بوصف محبة عبوديته قال بعضهم احكمت اياته فى قلوب العارفين وفصلت احكامه على ابدان العاملين قيل احكمت اياته بالكرامات وفصلت بالبينات قال الاستاد فى قوله احكمت حفظه عن التغيير التبديل ثم فصلت تبيان نعوت الحق فيما يتصف به من خلال الصمدية وما يعيد به الخلق من احكام العبودية ثم بين سبب نزول الكتب بهذه الاوصاف ان لا يكون العباد الا لمولاهم لما كان بينهم وبينه من مواصلة المحبة ووجوب الربوبية والعبودية بقوله { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } اى لا يلتفتوا الى ما لله فى عبادة الله ثم بين انه عليه السلام نذير بعظائم قهره وبشير بلطائف وصله قال الاستاذ نذير من الله بالفرقة بشير بدوام الوصلة ثم امرهم بالافتقار الى مشاهدته والافتخار بوصاله ولاستغفار عن ملاحظة غيره فى طلبه ادراك جماله والرجوع من قهره الى لطفه ومن النفوس وحظها وهواها الى مراده ومتابعة امره بقوله { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } استغفروا من جنايات الاسرار وتوبوا اليه لطلب الانوار بنعت ترك النظر الى الاغيار قدم الاستغفار على التوبة لان الاستغفار تقديس والتوبة تخليص الاستغفار من الزلل التوبة من الغفل سئل سهل بن عبد الله عن الاستغفار فقال هو الاجابة ثم الانابة ثم التوبة ثم الاستغفار والاستغفار بالظاهر والانابة بالقلب والتوبة مداومة الاستغفار من تقصيره فيها وقال بعضهم استغفروا ربكم عن الدعاوى وتوبوا اليه من الخطرات المذمومة وقال يوسف استغفار العام من الذنوب واستغفار الخاص من رؤية الافعال دون رؤية المنة والفضل واستغفار الكابر من رؤية كل شئ سوى الحق لما بلغت فى ذكر التفسير الى ههنا سالنى بعض الصحبة عن حقائق استغفار العارفين فقلت استغفارهم عن كون وجودهم مع كون الحق وعن تقصيرهم فى المعرفة عن ادراك حقائق صفات معروفهم وعن دعوى الانائية فى السكر فى مقام صحوهم وعن غاشية عين العبودية فى مشاهدة الربوبية الا ترى الى قوله عليه السلام انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة ومن جملة استغفاره عليه السلام فى هذا المقام استغفار من رؤية وجوده فى وجود الحق وعن رؤية مشاهدة الالتباس فى رؤية مشاهدة === الوحدانية وعن خواطر الانائية وبعد رؤية الازلية ثم بين انه تعالى يجازيهم بعد رجوعهم مما سوى الحق الى الحق بالتمتع بلقائه ووصاله والفرح بجماله ابد الابدين بقوله { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } المتاع الحسن انوار المواجيد على الدوام وصفاء الاحوال على السرمدية وسنا الاذكار وحلاوة الافكار ونزول حقائق الكواشف وظهور لطائف المعارف والفرح برضوان الله ولين العيش فى مشاهدة الله ما احسن هذا المتاح منا فى من الدنيا لقاؤك مرة فان نلتها استوفيت كل منائيا قوله تعالى { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } يوت فضل مشاهدته لمن له افضل معرفته ويوت فضل وصاله لمن له فضل الشوق الى جمل ويوت فضل الكرامات لمن له فضل العبادات ويوت فضل التحقيق لمن له فضل التوفيق ويؤت فضل كفاية الابد لمن له افضل عناية الازل ويوت كل ذى فضل الندامة على ما سلف من ذنوبه والاستغفار من زلله والرجوع من نفسه الى خالقه فضل طمأنينة القلب بالذكر وفضل رؤية منه الحق بنعت نسيان الخلق ووصل الموانسة بروح الوصال ولذة نور الجمال قال الواسطى فى قوله يمتعكم متاعا حسنا طيب النفس وسعة الرزق والرضا بالمقدور وقال سهل هو ترك الخلق والاقبال على الحق قال ابو الحسن الوراق يرزقكم صحبة الفقراء الصادقين وقال الجنيد لا شئ احسن على العبيد من ملازمة الحقيقة وحفظ السر مع الله وهو تفسير قوله يمتعكم متاعا حسنا قال الحسين متاعا حسنا الرضا بالميسور والصبر على كرمه المقدور وقال الواسطى ويؤت كل ذى فضل فضله ذو الفضل من رزق بعد الاستغفار والتوبة حسن الانابة والاخبات مع دوام الخشوع قال النصرابادى رؤية الفصل بقطع عن المنفصل كما ان رؤية المنة يحجب عن المنان قال بعضهم يوصل كل متحقق الى ما يستحقه من مجالس القربة وسمو المنزلة قال الجورجانى من قدر عليه الفضل فى السبق يوصله الى ذلك عند ايجاده سئل ابو عثمان عن قوله ويوت كل ذى فضل فضله قال تحقق امال من احسن ظنه به.