خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ
٢٤
-إبراهيم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } اشار سبحانه الى كلمة القديمة التى تكلم بها فى اصطفائيته اهل معرفته طابت كلمته وهى اطيب الطيبات باصطفائية اهل الولاية وتلك الكلمة القديمة شجرة الصفات اصلها ثابت فى القدم وفرعها فى سماء البقاء وتلك الشجرة منزهة عن تغائر الحدثان وعن التبديل بطوارق القهريات قال تعالى الا تبديل لكلمات الله مياه تلك الشجرة من بحار حسن العناية الازلية والرادة القديمة تؤتى اكلها ثمرات تجليها لارواح المحبين والعارفين والموحدين كل حين تفيض فيض انوارها على افئدة الصديقين وعقول المقربين فاكل تلك الشجرة ثمرات تجلى جميع الصفات والذات تربى بها قلوب الاولياء والصديقين فثمرة مشاهدة الذات يورث لقلوب الموحدين التوحيد والتفريد والفناء والبقاء والصحو والمحو والحيرة والوله وثمرات الصفات يورث لقلوب العارفين على قدر تجليها فكل صفة يورث لها حقيقة من تلك الصفة فميراث صفة العظمة الهيبة والخوف والاجلال وميراث الكبرياء البهته والمجل والحياء وميراث الجلال الخشية والخضوع وميراث الجمال المحبة والشوق والعشق وميراث العلم المعرفة بالعلوم اللدنية وميراث القدرة الكرامات وميراث نور السمع استماع اصوات هواتف الغيب وميراث نور البصر الفراسات الصادقة وسماؤية الغيب وغيب الغيب وميراث نور الخطاب والكلام الاطلاع على الاسرار والوله والهيمان فى الانس والمناجاة وميراث الحيوة حيوة القلب بالربّ وحيوة العقل بنور القلب وحيوة الروح بروح الوصال وميراث رؤية القدم والبقاء الزفرات والعبرات والمواجيد والصعقات وميراث رؤية انوار فعله الحكمة ببطون الافعاليات ودقائق المقامات وحقائق المعاملات وادراك نور شواهد الايات فى كل ذرة فى مرائى الافاق وميراث ثمرة الارادة صدق العبودية واخلاص المحبة ويسهل له جميع المرادات ما دام متصفا بالارادة ومن اكل ثمرا من ثمار تلك الشجرة يحيى بحيوة الابدية ويبقى فى انوار الازلية لا يطرأ عليه بعد ذلك طوارق الفناء وايضا الكلمة الطيبة كلمة الهمت فى قلوب احبائه وتلك الكلمة شجرة المعرفة وصلها ثابت فى ارض القلوب وفرعها فى سماء الارواح ومياه تلك الشجرة من بحر كشف المشاهدة توتى اكلها كل حين باذن ربها من انواع المقامات والحالات والكشوفات والكرامات والفراسات وترسى فى بستان الوصلة من جائحات الوسواس والهواجس وايضا تلك الشجرة الطيبة كلمة التوحيد التى غرسها الحق فى ارض بساتين الارواح واصلها هناك ثابت بالتوفيق وفرعها فى سما ءالقربة وسقاها من سواقى العناية وساقها المعرفة واغصانها المحبة واوراقها الشوق وثمرها العشق وحارسها الرعاية ومزرعها الكفاية ونهارها الانس توتى اكلها كل حين فى جميع الانفاس من لطائف العبودية وعرفان انوار الربوبية مساكن ظلنا العقول وظلها من ظلال الجمال وهذه الثمرات فى اوان كما لها مرفوعة على خوان المشاهدة والقربة قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب قال ابن عطا الكلمة الطيبة قوله لا اله الا الله على التحقيق والشجرة الطيبة هى التى تظهر اسرار الموحدين عن دنس الاطماع بالثقة بالله والانقطاع اليه عما سواه قال محمد بن على الشجرة الطيبة الايمان اثبتها الله فى قلوب اوليائه وجعل ارضها التوفيق وسماءها العناية وماءها الرعاية واغصانها الكفاية واوراقها الولاية وثمارها الوصلة وظلها الانس فاصلها ثابت فى قلب الولى وفرعها فى السماء ثابتة بالمريد من عند الجبار فالصل يربى الفرع بدوام الاشتقاق والمراقبة والفرع يهدى الى الاصل ما يجتنبه من محل المشاهدة والقرب هكذا ابدا قلب المؤمن وفواده قال ابو سعيد الحراز خزائن الله فى السماء الغيوب وخزائنه فى الارض القلوب لان الله خلق قلب المؤمن بيت خزائنه ثم ارسل ريحا فهبت فيه فكنسته من الكفر والشرك والنفاق ثم انشأ سحابة فامطرت فيه ثم انبتت شجرا فاثمرت الرضا والمحبة و الشكر والصفوة والاخلاص والطاعة وهو قوله كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها فى السماء.