خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
٧٥
-الحجر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } رهن الحق سبحانه الفراسة برؤية الآيات والشواهد كما قال فى موضع آخر ولتعرفنهم فى لحن القول وتعرفهم بسيماهم وهذه اوصاف البدايات فى الفراسة حيث يحتاج الى النظر الى العلامات واصل الفراسة اصابة نظر الروح الى مقدورات الغيبية بلا علامة ولا علة ولا سبب بل يتعلق هذه الفراسة بانكشاف ما يبدو من الغيب بنور الغيب وسر المقدور وخفيات الضمائر ومكنونات السرائر لابصار الارواح الناطقة بالحق المسامعة اصوات انباء الغيبية الشاهدة مشاهدة الحق فترى بالحق بعد ان تكون موصوفة بصفة الحق ما للحق فكيف يخفى شئ عمن ينظر بالحق ويبصر به لانه تعالى سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ولسانه الذى ينطق به من جهة الاتصاف والاتحاد بالنعوت الازلية وفهم ان الفراسة على عشرة مراتب فبعض الفراسة يحصل بعين الظاهر ورؤيتها الى منقلبات الآيات والافعال فى عالم الصورة وهى تصرف الحق مكان الآيات اعلاما من مكنون ما سترها من اعين الخلق وهذا تفرس بطريقة ظاهرية مقرونة بعلم العقل والقلب والروح والنفس والسر وسر السر والثانى ما يسمع اذ ان العارفين حركات العالم وما ينطق الحق وملائكته بألسنة الخلق والخليقة وذلك يسمع الظاهر وتلك الفراسة تتعلق بالاسماع الظاهرة وما يسمع ايضا باسماع البواطن وقواها والثالث من الغراسة ما يبدو فى صورة المتفرس من اشكال تصرف الحق وانطاقه وجوده له حتى ينطق جميع شعرات بدنه من حيث التصرف والتغير بألسنة مختلفة فيرى ويسمع من ظاهر نفسه ما يدل على وقوع الامور الغيبية وذلك ايضا يتعلق بالرؤية والسمع وحركة الفطرة فى الباطن وايصالا باجزاء الظاهر والرابع ما يحصل بحواس الباطن حيث وجدت بلطفها علامات اوايل المغيبات باللائحة الواضحة والخامس ما يحصل من النفس الامارة بما يبدو فيها من التمنى والاهتزاز وذلك سر عجيب لان الله اذا اراد فتح باب الغيب القى فى النفس الامارة آثار بواديه اما محبوبا فتتمنى واما مكروها فتفزع ولا يعرف ذلك الا ربانى الصفة والسادس ما يحصل للقلب اما سمعيا بالالهام واما فعليا كوجدانه بردا لواقعة واما كشفيا يبصر ويعلم والسابع ما يحصل للعقل وذلك ما يقع من اثقال برجاء الوحى الغيبى عليه فيعلم من وجود الوحى والهامه ما سيقع من تصرف الحق وذلك ايضا يحصل له سمعيا وبصريا والثامن ما يحصل للروح لانها تراه من تصرف الحق فيها وما يبدو فى غيبه يبصر الخاص وما يسمع من الحق بالواسطة وغير الواسطة والتاسع ما يحصل لعين السر وسمع السر ترى تصرف الصفة ويبصر علامة كون الحالة فى نور الصفة والعاشر ما يحصل فى سر السر وهو ظهور عرائس اقدار الغيبية ملتبسات باشكال الهية ربّانية روحانية فيبصر تصرف الذات فى صفات ويسمع الصفات بوصف الحدث والخطاب من الذات بلا واسطة وهناك منتهى الكشف والفراسة الحقيقية التى حذرها الخلق النبىّ صلى الله عليه وسلم بقوله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله فاذا وجب الخوف من فراسة من يرى بنور الحق فكيف لا يجب الخوف من فراسة من يرى بالحق لا بالغير قال الوسطى السراير متألهّة بحظوظها مصروفة عن اوقاتها صدقها فى تحركها اظهر عليها من صدقها فى تعبدها تظهر من السراير ابدا قهرا ما يوقفك عليها عفوا فيشرف المتفرس عليها فى اوقاتها فيعرفها قال الله ان فى ذلك لآيات للمتوسمين قال هم المتصفحون المتفرسون وقال بعضهم فى قوله للمتوسمين قال هم المتفرسون وهم على ثلاثة اوجه بالنظر والسمع والعقل واجل من هذا حال الكشف والمشاهدة لمن اوتيهما فيكون فراسته غائبا وحاضرا صحيحة وقال بعضهم المتوسمون هم المتفرسون على السرائر فاذا اردت ان تعرف بواطنهم فى الحقيقة فانظر الى تصاريف اخلاقهم ومواقيت اشجابهم وقال محمد بن الخفيف الفراسة مقسومة على ثلاثة اوجه اصابة المكنون من الاوقات المستكن فى النفوس من الاحوال المستخفية من حمل عوام الخلق وذلك مخصوص به الرسل لما كان للنبى صلى الله عليه وسلم فى عبد بن زمعة حين قال ان امرها لبين لولا حكم الله والثانى تجلى ما استودع الحق فى النفوس من الاحكام المخفية عليمها على الخلق المتفرد به الحق وكشف ذلك لاهل التخصيص من الصديقين والاولياء بعد الانبياء كما قال ابو بكر الصديق لعايشة رضى الله عنهما انما هما اخوك واختاك والثالث ذكر اطلاع القلوب عندما انكشف امر الغيب البعيد وهذا مقرون بالالهام كما قال عمر بن الخطاب يا سارية الجبل الجبل سئل الجنيد عن الفراسة فقال ايات الربانية تظهر فى اسماء العارفين فتنطق السنتهم بذلك فتصادف الحق وقال الحسين حين سئل عن الفراسة فقال حق نظر عن احد نظرا اياه فخبَّر عن حقيقة ما هواياه باياه.