خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٩٩
إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ
١٠٠
-النحل

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } بين سبحانه ان الشيطان لا يغلب بالكفر والضلال على من اختارهم الله فى الازل بالايمان والمعرفة وبصفاته وباسمائه وبنعوته بنعت نفى الانداد والاضداد عن عبوديته والايقان فى وجوده والاذعان عند تصرفه والتوكل عليه فى امتحانه وبلائه ولا تسلط له عليهم لانهم فى رعاية الحق وعنايته لا يقدر ان يوسوسهم للتردد فى الايمان ولكن يوسوسهم من جهة الشهوات الدنياوية فاذا صبح انوار شمس جلاله على وجوههم وقلوبهم وارواحهم يحترق الشيطان عند القائه اليهم حتى افاقوا فاذا افاقوا يقصد اليهم ايضا بالوسواس فاذا استعانوا بالله من شره وآووا اليهبالتوكل احتبس الملعون فى مكانه يذوب كما يذوب الملح فى الماء قال ابو حفص من اراد ان لا يكون للشيطان عليه سبيل فليصحح ايمانه وليصحح بالايمان التوكل عليه ولايمان هو ان لا يرجع فى السراء والضرّاء الا اليه ولا يرضى بسواه عوضا عنه والتوكل هو الثقة بمضمون الرزق كثقتك بمعلومك وهذا تفسير قوله انه ليس له سلطان قال النصرابادى من صحح نسبته مع الحق لا توثر بعد ذلك عليه منازعة طبع ولا وسوسة شيطان ثم بيّن ان سلطانه على من { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ } معنى سلطان الشيطان الحيل والمكر والخديعة والوسواس لا انه يطيق ان يضل احدا من خلق الله بغير اذن الله لانه تعالى يضل بنفسه ويهدى بنفسه ليس له شريك فيها اذ هو منفرد بالوحدانية الازلية وتسلطه انما على من اضله الله فى الازل وتسلطه اغراه وزيادة الوسوسة لمن تابعه وتابع هواه واما للمسلمين والمؤمنين فمن جهة مراد النفس لا للكفر والضلالة لانه يغويهم الى زيادة المعصية قال بعضهم من اتبع هواه فقد تولى الشيطان ومن ركن الى الدّنيا فقد اتبعه ومن احب الرياسة فقد اتبعه ومن خالف ظاهر العلم فقد تولاه ومن خان المسلمين فقد جعل للشيطان عليه سبيلا ومن ركب شيئا من المخالفات ظاهرا وباطنا فقد اهلك نفسه ومن تولى الشيطان فقد تبرء من الحق.