خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٧٧
وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٧٨
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٧٩
-النحل

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } وصف نفسه سبحانه ههنا بالعلم الازلى والقدرة الازلية فما العلم الازلى عَلم عِلم كون الكون وما فيه وما يبدو من قدرته وحكمته فيه فاقلاعه من اصله غير ثقيل عليه لانه قام به قائم بقدرته يفعل به ما يشاء ايجادا واعداما قبل ان يتصل الكاف بالنون واذا كان غيب السّماوات والارض له لا لغيره لا يكشفه الا لمن احبه من اوليائه ولا يستره الا على اعدائه فمن اشرفه على غيبه فهو ايضا غيب كانه يرى غيب الغيب واى غيب اشرف من خزانة الله فى قلوب اصفيائه من لآلى حكمه وعجائب علومه وغرائب عرفانه قال النهرجورى الحق سير غيبه فى خلقه وستر اوليائه فى عباده فلا يشرف على عباده الا خواص اوليائه ولا يشرف على اوليائه الا الصديقين من عباده والاشراف على الغيب عزيز والاشراف على الاولياء اعز علما استاثر نفسه بعلم الغيب عزل الجمهور عن === والموقوف به فقال { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ } اخبر تعالى انه اخرج الكل من بطون الاقدار وارحام العدم واصلاب المشية على نعت الجهل به والاشراف على ذاته وصفاته بنعت المعرفة لا يتعلمون شيئا من احكام الربوبية وامور العبودية والعلم باوصاف الازل فالبسكم اسماعا من نور سمعه وكساكم ابصارا من نور بصره واودع فى قلوبكم علوم غيبه بان حلاّها بحلية فطرة الاسلام والايمان والايقان فتسمعون بسمعه كلامه وتبصرون ببصره جماله وتعقلون بنوره ذاته وصفاته ونعوته واسمائه وتشرب ارواحكم من سواقى قلوبكم شراب محبته وشوقه وعشقه حين تردّ انوار المواجيد عليها من بحار كشف وحدانيته وسرمديته { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } تعرفونه بانه لا يشكره غيره قال الواسطى لا تفهمون شيئا مما اخذت عليكم من الميثاق فى وقت بلى قال بعضهم لا تعلمون شيئا مما قضيت لكم وعليكم من الشقاوة والسعادة ثم جعل للسعداء من عباده السمع ليسمع بها لطائف ذكره والابصار ليبصر بها عجائب صنعه والافئدة ليكون عارفا بصانعه ومخترعه وهذه الاعضاء والحواس هى الموجبة للشكر فالشاكر من راى منة الله عليه فى سلامة هذه الحواس والكافر ان من يرى انه يودى به شكر شئ من نعم الله عليه بشئ من احواله قال ابو عثمان المغربى جعل لكم السمع لتسمعوا بخطاب الامر والنهى واللابصار لتبصروا بها عجائب القدرة والافئدة لتعرفوا بها آثار موارد الحق عليكم لعلكم تشكرون اى لعلكم تبصرون دوام نعمى عليكم فترجعوا الى بابى ثم بين قدرته سبحانه فى امساكه اطيار الارواح فى هواء الملكوت وانوار سماء الجبروت حين ترفرفت باجنحة العرفان والايقان على سرادق مجده وبساط كبريائه مسخرات بانوار جذبه ما يمسكهن الا الله بكشف جماله لها امسكها به عن قهر سلطان سبحات جلاله حتى لا تفنى فى بهائه بقوله { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ } طير العموم فى سماء الازل ممسكة رياش طلبها بحبال انوار الابدية عن الوقوع على غير مواقع مشاهدة الوصلة { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } لعلامات الالباء الحقيقة وادلاء الطريقة واهل الارادة فى المعرفة.