خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٧
-النحل

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } معنى الآية ان العمل الصالح ثلاثة اشياء التبرى من الكون وما فيه بنعت تصاغره فى عين من يرى القدم وبذل الوجود لتصاريف الربوبية بنعت الرضا واللذة فى البلاء ورفع النظر عن الجزاء والاعواض بكل حال وهو مؤمن اى موقن مشاهد فى حاله وعلمه قبول الحق واقباله اليه بوصف الرضا عنه وايضا هو مشاهد ما وعده الله له من احكام الغيب بنور البصيرة وايضا وهو مخلص عن النظر الى غير الله وهو مؤمن بما يقول هاتف الغيب فى قلبه وايضا هو مؤمن بان وجوده وطاعته لا يليق بحضرة القدم من كان هكذا يلبس الحق سره وروحه وقلبه وعقله بركة حياته الازلية فيحييه بحياته ويريه بهاء جماله ويصيره مستانسا بوصله معافا من فضله فيكون ملبسا فى ظاهره وباطنه بلباس لطفه محروسا من قهره برعايته فمقامه مقام العافية خارجا من امتحان البلاء وهذا جزاء من اقبل عليه له لا لنفسه ولا لغيره فيبقى عيشه مع الحق بلا كدورة ولا فترة وفى جميع انفاسه مشاهدة مكاشف خارج من نعوت التغائر النفسانية بحوادث الشهوات وخطرات الشيطان ما اطيب حاله وما احلى شانه وما الذُّ حاله طوبى له ثم طوبى له روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال الحياة الطيبة هى القناعة وقال السوسى الحياة الطيبة عيش الفقراء الصبر وقيل عيش الفقراء الرضا وقال الجريرى هو العيش مع الله والفهم عن الله وقال ابن عطا اسقاط الكونين عن سره حتى يبقى مع ربه وقال ايضا روح اليقين وصدق نية القلب وقال سهل ذلك قلب بقى مع الله بلا روية الكون وقال جعفر يعيش مع الخلق بالنفس وقلبه معلق بمشاهدة الله وقال ايضا قلب مع الصفاء وروح مع اللقاء وبدن مع الوفاء وقيل حياة القلب مع الله بحسن المعرفة وتجريد الهمة قال الصادق القناعة والرضا وقال ايضا اذا كان قلبه فى محبة الله ولسانه فى ذكر الله وجوارحه فى خدمته === حياة طيبة وقال ايضا اذا اجتمع له خمس مقام وهو عيش السرمدية وحياة الابدية وصدق العبودية وقرب الصمدية وملك الازلية فذلك حياة طيبة وقال الواسطى هو الرضا بالميسور والصبر على كربة المقدور فما طابت حياة احد الا بالرضاء بما قدر الله وقضى وقال الاستاد فى قوله وهو مؤمن العمل الصالح لا يكون من غير المؤمن فمعناه عمل صالحا فى الحال وهو مؤمن ففى المآل لان صفاء الحال لا ينفع الا مع وفاء المآل فان الامور === ويقال وهو مؤمن اى مصدق بان نجاته بفضل الله لا بعمله الصالح ويقال الحياة الطيبة هو نسيم القربة يقال الحياة الطيبة ما يكون مع المحبوب وفى معناه قالوا

نحن فى اكمل السّرور ولكن ليس الا بكم يتم السرور
غبت ما نحن فيه يا اهل ودّى انكم غيب ونحن حضور

ويقال الحياة الطيبة الاولياء ان لا يتركه لهم سوالا ==== الا صدقه واما الخواص فالحياة الطيبة لهم ان لا يكون لهم حاجة ولا سوال ولا ارب ولا مطالبة وكم بين من له مراد فيرتفع وبين من لا ارادة له فلا يريد شيئا الاولون قائمون بشرط العبودية والآخرون معتقون بشرط الحرية.