خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
٥٤
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
٥٥
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } علمه سبحانه كان ازليا قبل وجود المعلومات خارجا عن جميع العلات اختار فى علمه بعلمه واراداه جواهر ارواح المقربين والعارفين من بين البرية بشرف قبول معرفته واستعداد حمل امانته وجعلها فى اماكن غيبه طائرة فى مزار قدمه واراها منازل العبودية والامتحان من فيض قهره ولطفه فحبسها بعضا فى مقام المشاهدة وحبسها بعضا فى مواقف الوصلة موحبسها بعضا فى منازل الدنو والقربة وهو كان عالما بشوق الشائقين اليه وداء المحبين لديه واستيناس المستانسين به واستغراق العارفين فى بحار عظمته وحيرة الموحدين فى ميادين ازليته فيرحم بعضهم بروية حسن الجمال حتى بقوا معه بنعت عيش السرمدية ويعذب بعضهم بان يفنيهم فيه من تسلط سطوات العظمة عليهم حتى لا يدركوا فى محل الفناء فيض البقاء وذلك من غيرته على نفسه فرحمته على العارفين كشف ووصال بلا حجاب وعذابه عليهم غلبة النكرة على قلوبهم وهذا دابه مع اهل ولايته ابدا وحديث سبق العناية حيث اختار اهل وداده بمعرفته خلصهم من عذاب فرقته واذا اراد طرد الغافلين شغلهم بغيره عن الاقبال عليه ورؤيته ورحمته قال القاسم سبق علمه فى الخلق بالرحمة والعذاب ولا مبدل لما اراد وقد وسم الخلق بسمة الرحمة والعذاب وهو يرجع الى منتهاه بما قد جرى له فى مبتداه وقال الاستاد سد على كل احد طريق معرفته بنفسه ليعلق كل قلبه بربه فجعل العواقب على اربابها مشتبهة فقال ربكم اعلم بكم قدم حديث الرحمة على حديث العذاب فقال ان يشاء يرحمكم او ان يشاء يعذبكم وفى ذلك ترجيح للامل ان يقوى وتصديق ما ذكرنا فى حقيقة الآية وتفضيل مقاماتهم بعضا على بعض قوله سبحانه { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } بين سبحانه انه اعلم بما اعطى ملائكته فى السّماوات من مقام الخوف والعبودية واختاره لهم شرف القربة وفضل بعضهم على بعض فى الذكر والتسبيح والعبادة والخوف والخشية وهو اعلم بما هو اعطى من فى الارض من الشريعة والطريقة والحقيقة وفضل بعضهم على بعض فى الذكر والتسبيح والعبادة والخوف والخشية وهو اعلم بما هو اعطى من فى الارض من الشريعة والطريقة والحقيقة وفضل بعضهم على بعض فى مراسم السلوك واعطى الشريعة للعموم والطريقة للخصوص والحقيقة لخصوص الخصوص فلما تم نظام الولاية رقى الامر الى درجات النبوة فاعطى المرسلين خبر غيب الغيب واعطى النبيين خبر الغيب وكشف جميع مراتب القربة وادارهم فى ملكوته بالهمم وسيّرهم فى ميادين جبروته بالارواح والاسرار وفضل بعضهم على بعض فى الدنو ودنو الدنو والتجلى والتدلى والكلام والخطاب والمعارف والكواشف فبعضهم اهل روية القدم وخبره وبعضهم اهل رؤية البقاء وخبره وبعضهم اهل رؤية الصفات وعلمها وبعضهم اهل روية الذات ومعرفته فهؤلاء اهل الاول والآخر والظاهر والباطن وقال تعالى هو الاول والآخر والظاهر والباطن فاهل القدم اهل الاول واهل البقاء اهل الآخر واهل الصفات اهل الظاهر واهل الذات اهل الباطن فاصطفى آدم بعلم الاسماء والنعوت ومباشرة الصفة وتجلى الذات فصار فى محل عين الجمع لقوله عليه السّلام خلق الله آدم على صورته واصطفى نوحا بالسلطنة والمعجزة واجابة الدعوة واصطفى الخليل بالخلة والسماع ومقام الالتباس حيث قال هذا ربى وافراد القدم عن الحدوث بقوله انى برى مما تشركون واصطفى موسى بالخطاب الاصلى وسماع الكلام الازلى والتجلى واصطفى عيسى بدرجة القدس وجعله روح القدس من كلمته العلية الازلية واصطفى داؤد بالزبور الذى فيه نبأ الذات والصفات واعطاه مقام العشق وحسن الصوت الذى من مزامير الصفات والحان بلابل القدم واصطفى سليمان بالملك والتمكين واصطفى يوسف بكسوة حسن جماله الذى اشرق فى وجهه من طلوع صبح الصفة فى عالم الفعل واصطفى محمد صلى الله عليه وسلم بجميع ما اعطاه اياهم وخصه بالمعراج والدين والتجلى === والمحبة الكبرى والمجلس الاعلى والمقام الادنى فكان قاب قوسين او ادنى فرمى بقوس الازل ما وهبه الله الى الجمهور ورمى من قوس الابد ما وهبه الله له فبقى بين القوسين بعد ذهاب الكونين فصار هدفا بقوس قاب قوسين لان هناك لا يليق الا صاحب الرفيق الاعلى والمخبر عن مقام الادنى المذكور اسمه بطه محمد سيد الورى صلى الله عليه وسلم بعدد ذرات ما بين العرش الى الثرى قال محمد بن الفضل تفضيل الانبياء بالخصائص كالخلة والكلام والمعراج وغير ذلك فضل البعض منهم على بعض وفضل محمدا صلى الله عليه وسلم على الجميع الا تراه يقول انا سيد ولد آدم ولا فخر كيف افتخر بهذا وانا باين منهم بحالى واقف مع الله بحسن الادب لو كنت مفتخرا لافتخرت بالحق والقرب والدنو منه فلما لم افتخر بمحل الدنو والقرب كيف افتخر بسادة الاجناس.