خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً
٧٤
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ } ان الله سبحانه خلق روح نبيه لما خلقها قبل كون الكون فادارها فى بسيط ملك الازل والابد فعلم عن رؤية الصفات علوم غيب الغيب وعرف علم المجهول الذى صدر من لطفيّات الازل وقهريات الازل وعلم فى علم العلم ان طريق القهر واللطف منتهاهما وصول عين الذات ولم ير الفراق فى اصل القدم بينهما فلما عرف الطريقين الواضحين من القدم الى القدم الى ابد الابد بنعت غير تغائر الصفة وعلم بعد ان ك ان فى محل الرسالة حقيقة طريق الوصول الى الحق بهما ولم ير الكفار مستعدين لطريق اللطف ووصولهم الى الحق به كاد بسر سره من علمه بعلم المجهول ان يدعوهم بتلك الطريقة الى الحق لان المسالك غير معتبرة انما الاعتبار بالوصول فلما علم الحق سبحانه انه يكاد ان يفشى سر سره المكنون فى غيب غيبه نهاه عن ذلك لئلا نهتك سر الربوبية ولا تضمحل احكام العبودية بقوله سبحانه { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } ان كذت ان تميل الى دعوتهم بطريق المجهول الى الحق وذلك حركة سر سر نفس النفس التى غواص قاموس بحر القهريات ولا تخف وقل يا عارف فان النبى صلى الله عليه وسلم كان فى علم ما كان مع تلك النفس التى هى لباس قهر الربوبية ولا يجوز العارف الصادق ان يكون خاليا عنها لانه يسلك الى الحق بسر القهر وسر اللطف ومن لم يسلك اليه بهذين الطريقين لم يكن كاملا فى معرفته فالعتاب من جهة تحرك سلسلة تلك الاسرار وهو بجلال محركها تعريفا وامتحانا التعريف حق العارف والمعرفة حق المعروف يعصمهم الله من هتك تلك الاسرار للاغيار قال الحسين خلق الله الخلق على علم منه بهم وهو علم العلم وجعل النبى صلى الله عليه وسلم اعظم الخلق خلقا واقربهم زلفا فجعل الداعى اليه والمبين عنه به يصلون الى الله ظاهرا وباطنا وعاجلا وآجلا فثبت الملك بالعلم وثبت العلم بالنبى وثبت النبى صلى الله عليه وسمل به فقال ولاولا ان ثبتناك بنا وقال عمرو بن عثمان المكى قال كدت وهو الشئ بين الشيئين وهو الخروج من ذا الى ذا ولم يخرج من ذا ولم يدخل فى ذا وكان واقفا بامر عظيم وشان عجيب وعلم غريب وهو نزاهة نفسه وعظيم علمه بربه فبلغ هذا الخطاب به من الخوف والوجل من ربه حتى كاد ان يساوى خوف الواقعين للمخالفة وهذا الفرق بين الخواص والعوام انهم يخافون فى الهمة ما لا يخافه العوام فى المواقعة وقال ابن عطا عاتب الانبياء بعد مباشرة الزلات وعاتب نبينا صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه ليكون بذلك اشد انتباها وتحفظا لشرايط المحبة فقال ولولا ان ثبتناك الآيات.